المجزوءة: مجزوءة الوضع البشري
المفهوم: مفهوم الشخص
المحور: الشخص بوصفه قيمة
قيمة الشخص - تأطير إشكالي
إذا كانت القيمة هي الميزة الخاصة بشيء أو بسلوك إنساني مرغوب فيه، وإذا
كان كل شخص يدرك نفسه بوصفه أنا، فمن أين يستمد الشخص قيمته، ويجعل منه ذاتا مرغوبا
فيها؟ هل من كونه شخصا أي كذات لعقل عملي أخلاقي، أم أن صفة العقل لا تكفي ليكتسب الشخص
قيمة، أم من انفتاحه على الآخرين؟
تحليل نص إيمانويل كانط
تعريف الفيلسوف إيمانويل كانط
إيمانويل كانط
(1724-1804م) فيلسوف ألماني من فلاسفة القرن الثامن عشر، رائد الفلسفة النقدية، من
مؤلفاته: "نقد العقل الخالص"، "نقد العقل العملي"، "نقد ملكة
الحكم".
إشكال النص:
إن القارئ المتمعن لنص إيمانويل كانط، سيلاحظ أنه يعالج قضية الإنسان وما يميز الإنسان عن باقي الموجودات. ومن ثمة يمكن صياغة إشكال النص على الشكل الآتي:
- ما الذي يميز الإنسان عن باقي موجودات الطبيعة؟ وما الذي يمنحه قيمة ويجعله شخصا؟
أطروحة النص:
يتضمن نص إيمانويل كانط أطروحة مضمونها أن الشخص ستمد قيمته من كونه شخصا، وما يجعله كذلك هوكونه ذاتا لعقل عملي أخلاقي.
تحليل النص
مفاهيم النص
الفهم: النشاط
الفكري الذي يدرك الإنسان بواسطته الظواهر ويربط بين الفعل والنتائج، قصد إضفاء دلالات
ومعاني على الظواهر.
العقل العملي الأخلاقي: يشمل هذا العقل على الواجبات
الأخلاقية العليا أو الكونية باعتبارها قواعد وقوانين مطلقة وقطعية.
الفضيلة: تعني الاستعداد الدائم
لفعل الخير.
الأفكار الأساسية للنص
الفكرة الأولى: يؤكد كانط أن امتلاك
الانسان لملكة الفهم لا يمنحالإنسان سوى قيمة خارجية نفعية، بحيث يصبح بمثابة بضاعة
داخل تجارة البشرفقط
الفكرة الثانية: تتجلى قيمة الإنسان العليا في ارتقائه إلى مستوى الشخص،
عبر استجابته لنداء الواجب الأخلاقي من خلال معاملة الأشخاص الآخرين كغايات في ذاتها
وليس كوسائل. وبهذا التعامل يكسب الإنسان احتراما لذاته، ويمتلك كرامة ترغم الآخرين
على احترامه.
الفكرة الثالثة: إن احترام الإنسان لذاته هو واجب أخلاقي وكل ابتعاد عن
هذا الواجب، يجعل الإنسان في مستوى الكائنات أو الأشياء غير العاقلة.
خلاصة موقف النص
"تصرف
بنحو تعامل فيه الإنسانية في شخصك كما في شخص غيرك دائما وأبدا، كغاية وليس كمجرد وسيلة"
مناقشة موقف النص
يمكن اعتبار ما قدمه كانط حول إشكال قيمة الشخص، ذو أهمية فكرية وتاريخية
لا يستهان بها، من حيث تنصيصه على البعد الأخلاقي
في تشكيل قيمة الشخص، من خلال إعطائه الأولوية للشخص من حيث هو ذات إنسانية
تستحق الاحترام، ومن خلال دفاعه عن الكرامة الإنسانية ضدا على كل أشكال العبودية التي
قد تحول الإنسانية من شخص إلى شيء، يمكن استغلاله كما تستغل الأشياء. لكن يمكن أن نسائل
تصور كانط: ألا يعتبر الطفل والمجنون أشخاصا، وبالتالي إعطاؤهم قيمة؟
إجابة على التساؤل الأخير يمكن أن نستحضر تصور طوم ريغان، وهو فيلسوف أمريكي
معاصر ينتمي إلى مدرسة الكانطيين الجدد. يؤكد طوم ريغان على أن التأسيس الكانطي لقيمة
الشخص غير كاف، وحجته في ذلك أننا ملزمون باحترام القيمة المطلقة لكائنات بشرية غير
عاقلة مثل الأطفال والمجانين وغيرهم. وعليه فإن الخاصية الحاسمة والمشتركة بين الكائنات
البشرية ليست هي العقل، بل كونهم كائنات حاسة أيضا. من هنا يساءل طوم ريغام كانط: ما
هي الكائنات البشرية التي تستحق صفة شخص؟ يجيب ريغان بأن الإنسان ليس كائنا عاقلا فحسب
بل كائنا حاسا يستشعر وجوده. ومن هنا فحتى البويضة المخصبة والمرضى الذين دخلوا حالة
غيبوبة دائمة، والأطفال الرضع والكائنات البشرية التي تفتقد للقدرات الفكرية... يعتبرون
أشخاصا وبالتالي وجب احترامهم.
في تصور آخر يؤكد المذهب الشخصاني الذي يتزعمه إيمانوييل مونييه أن للشخص
قيمة مطلقة، فهو صاحب المركز الأسمى في الكون. وتتمثل هذه القيمة في خروج الشخص من
ذاته والانفتاح على الآخرين، أي على المجتمع. فالموجود الإنساني في نظر مونييه ليس
شيئا بين الأشياء، أي موضوعا، بل إنه قيمة أخلاقية وغاية في ذاته. وبالتالي فقيمة الشخص
مستمدة في حضور الشخص مع الآخرين ونسج علاقة التواصل معهم، المبنية على الحب والتقدير
والاحترام وليس على الصراع والتطاحن والتشييء.
0 تعليقات