إشكالية "المنهجية الجاهزة" في امتحانات مادة الفلسفة
كثيرة هي
الطرق التي بمكن اعتمادها امتحانات مادة الفلسفة سواء في امتحانات المراقبة
المستمرة أو في الإمتحان الوطني، والتي يتم اعتمادها في تحليل قولة فلسفية او سؤال
اشكالي او نص فلسفي. ومن بين تلك الطرق نجد ما يسمى "المنهجية الجاهزة"،
والتي يقوم فيها التلميذ بملء الفراغات فقط. فهل هي منهجيات ناجعة؟ وهل يتم رفضها من
طرف المصحح؟ وهل هي منهجية في الاصل؟ والسؤال الأساسي الذي سنجيب عنه وجوابه يجيب
عن التساؤلات الأخرى: هل تتوافق "المنهجية الجاهزة" مع ماهية التفكير
الفلسفي؟
في هذا المقال
المبسط نكشف النقاب عن تلك "المنهجية"، التي يسميها
التلاميذ بالمنهجية الجاهزة، وهي طريقة منتشرة الإستعمال بين التلاميذ، سواء حين
يتعلق الأمر بامتحانات المراقبة المستمرة أو حين يتعلق الأمر بالإمتحان الوطني.
أولا :مثال للمنهجيات الجاهزة .
يندرج هذا ( النص او السؤال او القولة ) الماثل بين أيدينا ضمن مجزوءة (....السياسة مثلا ...) و الذي
يعالج موضوع (.....) هذا الأخير الذي يعتبر من بين المواضيع الفلسفية المعقدة والتي
أثارت جدال و نقاش العديد من الفلاسفة والمفكرين بحيث انكب كل واحد بالنظر اليها من
زاويته الخاصة مما خلق اختلاف بين أفكارهم و تصوراتهم و( النص او السؤال او القولة
) التي بين أيدنا تحيلنا على العديد من الإشكالات
الجوهرية نلخصها في التساؤلات التالية: مثلا ماهي علاقة العنف بالسلطة و هل بإمكان
العنف ان يدمر السلطة ؟ و كيف تعامل الفلاسفة و الباحثين مع هذا المفهوم الماثل أمامنا
؟ بأي معنى يمكن القول.......................والى
أي حد يصل ......... و هل ..... ( نطرح حوالي 4 أسئلة كافية أنا أعطيتكم مثال على درس
العنف و السلطة و انتم تطرحون أسئلة على حساب الموضوع الماثل أمامكم لان هناك من سيضع
هذه الأسئلة الإنسان دائما يبدع و إذا رأى
أي جملة مفيدة يمكنه إدخالها في المكان المناسب )منهجية جاهزة
هذا مثال
لما يسميه التلاميذ ب"المنهجية الجاهزة" وهي كثيرة، ومتداولة على بشكل
يجعلها تتصدر نتائج البحث حين نبحث في
محركات البحث على المنهجية الخاصة بتحليل موضوع فلسفي. وكما هو ملاحظ، فهي لا
تعتمد إلا على الحفظ، وملأ الفراغات، وكأـننا أمام ملأ ما يسمى بالشبكة التي تكون
مدرجة في الجرائد الورقية.
ثانيا: جوابا على سؤال: هل هي منهجية خاطئة:
إن
"المنهجية الجاهزة" ليست خاطئة في حد ذاتها، فهي عبارة عن هيكل من
العبارة تنظم استحضار التلميذ للمفاهيم والإشكالات والأطروحات... إنها عبارة
عن عبارت لغوية تسهل الإنتقال المنطقي بين الأفكار والمراحل... لكنها غير مقبولة وخاصة في مادة الفلسفة، لأنها
تتناقض مع التفكير الفلسفي.
ثالثا جوابا على سؤال: هل هي منهجية في
الأصل؟
الجواب
بكل بساطة لا؛ ليست بمنهجية، فالمنهجية هي خطة عمل، تساعدنا على تنظيم المعرفة
والجهد، وفق ما هو مطلوب. إن المنهجية في مادة الفلسفة تحدد فقط العناصر التي يجب
أن يتوفر عليها الموضوع المقالي حتى يعتبر مقالا ناجعا، ولا تلزمنا بقالب جاهز كالمنهجية
الجاهزة التي ليست بمنهجية.
والمنهجية
في مادة الفلسفة إنما تبين لنا كيف أن موضوعنا المقالي يجب أن يتضمن أربع خطوات،
وتبين ما يجب أن تتضمه كل مرحلة من العناصر، :
1- مرحلة الفهم: وفيها نقوم بتأطير
النص أو القولة أو السؤال وفق مجاليه المفهومي والإشكالي
2- مرحلة التحليل: وفيها نقوم
بتحليل الموضوع ( النص أو القولة أو السؤال) وفق مضمونه المعرفي ووفق بنيته
المفاهيمية ووفق بنيته الحجاجية،
3- مرحلة المناقشة: وفيها
نقوم بمناقشة ما قمنا بتحليله: الأطروحة، المفاهيم، الحجاج...
4- مرحلة التركيب: وكما هو
واضح من التسمية فالمطلوب هو التركيب؛ تركيب المعطيات ( الإشكالات الأطروحات
المفاهيم...)
رابعا: في الجواب على سؤال هل المنهجية
الجاهزة مقبولة في امتحان مادة الفلسفة؟
كما
أشرنا سالفا فالمنهجية الجاهزة للتعامل مع امتحانات مادة الفلسفة ليس خاطئة في حد ذاتها.
لكنها غير مقبولة لتناقضها مع مبادئ وماهية التفكير الفلسفي.
إن المنهجية
الجاهزة متناقضة من حيث المبدأ مع التفكير الفلسفي، فهي اولا تعطل التفكير، وتجعله
حبيس قوالب جاهزة، لا يعمل العقل على نقدها
او تحليلها او التساؤل عن قيمتها، إنها نوع من الإتكالية واللااستقلال، هذا بينما يعلمنا التفكير الفلسفي أن نعمل عقولنا
بشكل حر، حتى لا نكون تابعين ومريدين بشكل أعمى، وفي هذا السياق نورد قول كانط:
"
من لم
يكن قادرا على التفلسف ليس جديرا بأن يسمى فيلسوف؛ غير أننا لا نتعلم التفلسف إلا
إذا قمنا بترويض واستخدام عقلنا الخاص بأنفسنا...؛ فلكي نمارس التفكير من ذوات
أنفسنا ونتفلسف، ينبغي علينا أن نعتني بالمنهج الذي نسير عليه في استخدامنا عقلنا،
وأكثر مما نعتني بالطروحات التي سيسمح لنا ذلك المنهج بإقرارها... "
والواضح
من قول كانط أن التفلسف لا يعني شيئا أكثر من الإستخدام الحر للعقل، وبالتالي
فالتفلسفة يتناقض مبدئيا مع المنهجية الجاهزة، التي لا نكون في استعمالها أحرارا
من حيث التفكير، بل نكون تابعين لما ابتكره الغير دون مساءلته أو نقده.
ومن منا لم
يسمع بالمثل: "لا تعطني السمكة ولكن علمني كيف أصطادها". نفس الشيء، فالفلسفة
تعلمنا أنه يجب أن نكون قادرين على التفكير بشكل حر وبشكل إبداعي، حتى لا نكون كالآلات
المبرمجة التي تخضع في فعلها وسلوكها لأوامر خارجية لم تفكر فيها ولم تنتقدها ولم تشك
فيها حتى يتبين لها الخاطئ من الصائب.
وفي هذا
الجدول نبين بعض ما يميز التفكير الفلسفي
عن المنهجية الجاهزة.
التفكير الفلسفي
|
المنهجية الجاهزة
|
النقد
الشك
التساؤل
البناء
الحرية
الإستقال
تقدير الذات
|
الجاهزية
النمطية
تعطيل العقل
الإتكالية
التبعية
|
خلاصة القول،
أن المنهجية الجاهزة تتناقض تناقضا مطلقا مع جوهر التفكير الفلسفي، فهذا الأخير جوهره
الاعتماد على الذات في الفهم والتصور والحكم، وجوهره التساؤل والنقد والشك، كما أن
جوهره الاستقلال والحرية. بينما جوهر المنهجيات الجاهزة هو النمطية والاتكالية...
0 تعليقات