الامتحانات الإشهادية لمادة الفلسفة تجدد الجدل.

فيلوكلوب يونيو 20, 2019 يونيو 20, 2019
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A


الامتحانات الإشهادية لمادة الفلسفة تجدد الجدل.

فتحت امتحانات الفلسفة لهذا الموسم (2018_2019)، -كما فتحت في المواسم السابقة- الباب لنقد الدرس الفلسفي، وكأن الامتحانات الإشهادية بمثابة النقطة التي أفاضت كأس أزمات الدرس الفلسفي بالمغرب. ولعل أبرز التساؤلات التي طرحت بخصوص الامتحانات الإشهادية كتقويم للكفايات، ما يتعلق بمدى ملاءمتها، وراهنيتها. وسنحاول هنا بسط تلك التساؤلات التي نعتبرها بمثابة نقد إيجابي، يفتح الباب لمحاولة تجديد ما يمكن تجديده، وتصويب ما يمكن تصويبه.

إشكال الراهنية.

من بين الإشكالات التي تثيرها الامتحانات الإشهادية في مادة الفلسفة، إشكال راهنيتها، وقد لوحظ من خلال الاطلاع على تعليقات وردت على صفحتنا، وأخرى وردت على صفحة الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة، أن مدرسي الفلسفة متحفظون بخصوص راهنية مواضيع امتحانات الفلسفية، أكثر من ذلك فهناك من اعتبرها امتحانات توغل في النمطية والتكرار. فمواضيع الإمتحانات لا تخرج عن المجزوءات الثلاث: الوضع البشري – المعرفة – السياسية. بينما يتم تجاهل مزوءة الأخلاق رغم أهميتها وراهنيتها.

إشكال التقويم.

تعد الإمتحانات الإشهادية محطة أساسية، لا تقل أهمية عن امتحانات المراقبة المستمرة، كما لا تقل أهمية عن الدرس الفلسفي. فالامتحانات الإشهادية ما هي إلى دعوة إلى التفلسف، وما هي إلا فرصة للتعبير عن مدى تحقق الكفايات المراد تحقيقها. لكن واقع الأمر يكشف عن بعض العيوب: فالإمتحانات الإشهادية –وكما عبر عن ذلك بعض المتعلمين- ليست إلا فرصة لإعادة استعراض المواقف الفلسفية لا أقل ولا أكثر.

إشكال المنهجية.

من بين يمكن التساؤل عنه أيضا؛ منهجية التعامل مع المواضيع في الإمتحانات الإشهادية، وهو إشكال مرتبط بما يتلقاه المتعلم في القسم. فقد لوحظ اختلاف مدرسي الفلسفة بخصوص ما هو منهجي، نورد على سبيل المثال لا الحصر؛ لحظة المناقشة، فهناك من يعتبر إبراز قيمة الأطروحة بخصوص السؤال الفلسفي أمرا لابد منه، بينما هناك من اعتبره أمرا لا حجة له. زد على ذلك ما يتعلق بمرحلة الفهم، فقد أشار بعض التلاميذ _وهو قول يجد أخذه مأخذ جد_ إلى أن الفلسفة ما هي إلا مجال لاستعراض المواقف الفلسفية.

إشكال صيغة التقويم.

من بين ما تنتقد في الامتحانات الإشهادية، والتي تأتي على شكل ثلاث مواضيع اختيارية: سؤال إشكالي مفتوح، قولة مرفقة مطلب أو سؤال، نص فلسفي للتحليل والمناقشة. وبخصوص هذه الصيغة هناك من أكد على أنها صيغة نمطية، لا تسمح بتقويم الكفايات والتعلمات، خاصة ما يتعلق بمسألة القيم. حيث أن ما تقومه هذه الوضعيات هو الجانب المعرفي (المضامين). وهنا يمكن أن تساءل: لما لا يتم اعتماد وضعيات مشكلة، راهنة، يطلب من المتعلم معالجتها وفق مضمون فلسفي، ويبرز فيها قدراته في المحاججة والمفهمة؟؟
نورد هنا قول الأستاذ مراد كديوى:

مللنا من تكرار نفس الموضوعات. مقاربة أمنية محضة السؤال والقولة يتوزعان بين الوضع البشري والسياسية وهي المنهجية التي يقبل عليها التلاميذ كثيرا بينما المعرفة وردت كلها في النص وكأنهم يقولون لهم لا تتعبو نفسكم. مع اقصاء تام لمجزوءة الاخلاق. فلماذا اذن ندرسها ما دامت لم ترد في أي نموذج تقويمي.

إشكالية المعرفة الفلسفية.

إن الإمتحانات الإشهادية ليست فقط تقويما للمتعلم، بقدر ما هي تقويم للدرس الفلسفي أيضا، وتقويم لما  يقع في حجرة الدرس قبل حجرة الامتحان. ولنوضح الأمر يمكن أن نستحضر تدوينة للأستاذ شفيق كريكر، والتي تبين بعض أعطاب تدريس الفلسفة، وخاصة ما يتعلق بالشق المعرفي.
يقول الأستاذ شفيق كريكر:
والحقيقة أن اليأس من إمكانية الإصلاح كان قد تمكن من عزيمتي، لذا أحجمت عن نشر هذه التدوينة لولا إلحاح بعض الأصدقاء، فعسى هذه التدوينة تخلق دينامية فكرية تخرج بمفهوم الحق الطبيعي في الدرس الفلسفي المغربي من هذه التناول العبثي الذي غرق فيه لمدة عقدين من الزمن.ذ. شفيق كريكر
وما تكشف عنه هذه التدوينية، هو أن هناك بعض الهفوات في المعرفة الفلسفية التي يتلقاها المتعلم، والتي تؤثر سلبا على معالجة الموضوعات الفلسفية المرتبطة بها. والمثال ما قدمه الأستاذ؛ أي ما يتعلق بمفهوم الحق الطبيعي، وكيف أنه مفهوم يتم تناوله بنوع من التهاون، وبنوع من التجزيء...
ونقدم مثالا آخر، متعلق بموقف سارتر من إشكال معرفة الغير، وهو إشكال أثاره الأستاذ كمال صيدقي، وبين من خلالها كيف أن بعض المواقف يشوبها الغموض، بل تكون خاطئة أحيانا، ومرد ذلك حسب الاستاذ كمال صيدقي هو تجزيء النصوص، وعدم النظر الى المواقف الفلسفية في كليتها، من خلال الرجوع إلى المتن الفلسفي للفيلسوف ككل.
إشكال التصحيح.
ككل سنة، يتم تداول بعض إجابات المتعلمين (إنشاءات فلسفية)، بدعوى أنها تستحق النقاش والجدل، وحقا، فهي تستحق ذلك. إنها مثال لما يدعوا إلى التساؤل عن موضوعية التصحيح، أو لنقل، موضوعية المصحيح. فقد لوحظ، أن بعض الأوراق لا تستحق ما منح لها من معدل.
قال أحد الأساتذة معلقا على ورقة من بين الأوراق التي خلقت جدلا بخصوص ما حصلت عليه من معدل:
هاذو أصحاب انكب كل فيلسوف لدراسته من زاويته الخاصة وأملا الفراغ بما يناسب وياخذو هذه النقط من هنا معضلتنا مع تلامبذاتنا الذين نعلمهم كيف يبنى الإشكال والمفاهيم والحجاج وفي آخر السنة يقول لك أستاذ شوف لي هذه المنهجية تخدم عليها يقصد ورقة املأ الفراغ بما يناسب هذا بالإضافة إلى 3•75 للجوانب الشكلية !!! أجمل ما في الورقة الخط
وفي الأخير يمكن أن نفتح النقاش، لغاية تجويد الدرس الفلسفي، ونطرح التساؤلات الآتية؟
  • كيف يمكن الخروج بالدرس الفلسفي تدريسا وتقويما من أزمته التي يعترف بها جل مدرسي الفلسفي؟
  • هل يخصص الوقت الكاف للإشتغال على المنهجيات المتعلقة بمعالجة المواضيع الفلسفية؟ مثلا: هل يتم الإشتغال على لحظة المناقشة كما ينبغي، حتى يتبين للتلميذ بأن لحظة المناقشة ليس لاستعراض المواقف، وإنما للمناقشة بكل آلياتها: مناقشة مفهوم، مناقشة حجة، مناقشة تصور...؟
  • ألا يمكن ابتكار وضعيات تقويمية تراعي خصوصية الدرس الفلسفي وتسمح بتقويم الدس الفلسفي في كليتها؟
  • ألا يجب المطالبة بإعادة النظر  في زمن التعلم الخاص بمادة الفلسفة؟



شارك المقال لتنفع به غيرك

فيلوكلوب

الكاتب فيلوكلوب

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

8258052138725998785
https://www.mabahij.net/