●
فلسفة الحياة الناجحة
●
بقلم الطالب الباحث : حمزة كدة باحث بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط تخصص الفلسفة
___________________________
إذا قمنا
بدراسة إحصائية لمعرفة متمنيات كل إنسان على هذه الدنيا، سنصل إلى نتيجة مفادها أن
هذه المتمنيات تتحدد في العيش بسعادة، عبر التأمين المستقبلي بالوظيفة والأجرة والزوجة
الصالحة ومنزل فخم وسيارة، أي بمعنى آخر كل إنسان يريد أن تكون حياته ناجحة وسعيدة،
وإذا لم يحقق هاته الأشياء سينتابه القلق، وتتسلل إليه تلك الأفكار السيئة التي تؤدي
إلى الهلاك، فكما نعلم أن جل الأمراض النفسية تحدث نتيجة تلك الضغوطات التي تولدها
الحياة على الشخص، كما أن الإحصائيات تقول أن عدة حالات الانتحار تمت بسبب الأمراض
والاضطرابات النفسية، هذا المشكل أي الجانب النفسي خطير وخطير جداً، لأن الأمر يتعلق
بجواف نفس الإنسان، تلك النفس الحساسة، تلك النفس التي تتصدى لكل المشاعر سواء الجيدة
وغير الجيدة، تلك النفس التي تتحكم في كل شرايين الجسد، حتى محكمة العقل بعظمتها تعجز
أمام النفس، إذن من المستحيل أن تمنعها إن انتابها شعور سيئ .. وهذا الضرر النفسي يحدث
طبعاً نتيجة الرغبة الشديد في بناء حياة ناجحة لكن الأمور تحول دون ذلك فتقرر النفس
إما الموت أو الانطفاء ..
عندما يخسر
الإنسان في حياته تتسلل إليه الأفكار الشنعاء كالندم مثلاً..، لكن في الحقيقة أن الندم
والتفكير السلبي الذي ينتاب الشخص، ماهو إلا تفكير عابر ويرسل إلى الهلاك، لأن الحياة
ليست سلبية كما يعتقد بعض الأشخاص، الحياة هي نعمة منحها الله لنا كي نمارس فيها قيم
العدالة والتسامح وجل القيم الإنسانية، وماهي إلا مرحلة عابرة يجب أن نخرج فائزين منها،
لكن للأسف هناك من يعيش حياته كلها فساد وحرام وفي الأخير يلقى مسرعه بطريقة مخلة جداً ..
إن الدنيا
ليست لممارسة الفساد فيها كي نرضي أنفسنا وشهواتنا وغريزتنا الشريرة سواء البيولوجية
أو المادية، بل هي مقابلة وستنتهي لا محالة
والكرة نمتلكها نحن، والفوز أمامنا، فقط يجب المحاولة والعمل الجاد وسيكون خيراً ..
إننا لو تأملنا
في قضية الحياة جيداً وخصوصاً لدى الإنسان العربي، سنجد أن المشكل الأول الذي يقف سداً
أمام طموحات الشباب العربي هو مشكل الدولة وطريقة تسييرها باعتبارها مؤسسة تمتلك السلطة
في يدها وتمارسها بطريقة سياسة كما تشاء، الأمر الذي يمنع الإنسان من حب بلادهم إلى
عدم حب الحياة بأكملها، فمثلا في بلادنا المغرب نجد العديد من الشباب يريدون مغادرة
هذه البلاد والهجرة إلى بلاد الغرب، من أجل تأمين حياتهم وعيش حياة سعيدة وبناء مستقبل
وما إلى ذلك، وهذا ما يظهر في بعض أقوال الشباب : « *وا قرينا وشدينا الشواهد ديالنا
ولكن مجابش الله فهاد البلاد*»... هذا ما جعلنا نعتبر أن المشكل الأول الذي يقف أمام
الشباب العربي وخصوصاً المغربي هو مشكل الدولة، لكن رغم هذا لا يمكن إنكار دور الدولة
في عدة أشياء فكما يُقال الحياة فرصة يجب استغلالها، وإذا طبقنا هذه القولة على بلادنا
المغرب سنقول المغرب فرص ويجب استغلال تلك الفرص، وبالتالي فالإنسان عموماً عليه دائماً
العمل والعمل والاجتهاد ..
وبهذا ما
علينا سوى القول بأن الحياة الناجحة لا تأتي من فراغ، بل تأتي عبر مجهود واجتهاد وعمل
شخصي، وعدم فقدان الأمل والتقة في النفس، فمهما كانت حياتك ناجحة لا تمر مرور الكرام،
لابد من التعثرات والسقوط والمشاكل، لكن لا يوجد حل آخر غير الاستمرار في المحاولة،
ولا يوجد أي شيئ يستحق أن تنهي حياتك بسببه، حاول دائما وإن لم تستطيع فمت وأنت تحاول،
هناك العديد من الأشياء في نظري لا يجب التخلي عنها في الحياة لكي نتجنب نوعاً ما ذلك
السقوط، ومن أهمها بناء فكر شخصي حر وعن قناعة، وكذلك عدم الإبتعاد عن الطريق الصحيح،
رغم أن الإنحراف ضروري وهو الذي يصنع الإنسان الحقيقي، كذلك يجب على كل فرد أن لا يفقد
الأمل مهما كانت الأرض التي يعيش فيها، لكي يبتعد نوعاً ما عن الأفكار السلبية، قلت
الابتعاد نوعاً ما وليس الابتعاد كلياً، لأن الأمر المعروف والمعلوم والمحسوم، هو أنه
لا وجود لحياة ناجحة سعيدة ١٠٠٪ بل لابد من خيبات الأمل والمشاكل وغير ذلك، لذلك على
الإنسان الصبر والقيام بواجبه وإن أتت السعادة فمرحباً بها، وإن لم تأتي فأسعد نفسك
بنفسك ..
___________________________
حمزة كدة
0 تعليقات