- اليقين...تأملات في عقول العامة
- بقلم الطالب: يونس عنوري - طالب بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط تخصص فلسفة
___________________________________
المشكلة اليوم
أن الناس الأذكياء أميل إلى الشك، بينما، الأغبياء غارقون في اليقين المطلق "شارل
بوكوفسكي"
لطالما كان
و لازال العاميون من الناس غارقون في اليقينيات و البديهيات التي يحسبونها حقائق مطلقة
لا يجب النبش فيها و تعريضها للسؤال و للش، أو بتعبير ديكارت مسح الطاولة، لأن الإنسان
منذ نعومة أظافره، اكتسب مجموعة من الأشياء التي تلقاها من وسطه المعاش، حقائق كانت
و لازلت بالنسبة له بديهيات يجب تركها و شأنها، مسلمات بالنسبة له، و بالنسبة لعامة
الناس الذين عماهم الله عن الحقيقة، بتعبير ابن رشد، الذي قسم المجتمع إلى ثلاث فئات
؛ العامة و الخاصة و خاصة الخاصة.
بمجرد أن
تفكر في مناقشة شخص من عامة الناس، يجب أن تضع نصب عينيك و في الحسبان، الكثير من الشتم
و القذف، و نفور الناس منك، و هنا اقصد بالناس ، الأشخاص الذين إذا ما تحدثت معهم في
بديهياتهم، صرت عدوا و كافرا في أعينهم، فهؤلاء إما أن توافق عن كل ما يقولونه، و إما
أن تتحمل ثقل الطرد من الملة، لأن العامة عماهم الله عن الحقيقة، و لا يجرؤون على مساءلة
ذواتهم و مسح طاولاتهم، لأننا لا نجرؤ على رؤية الحقيقة، لأنها بشعة للغاية ، بحد تعبير
العالم النفساني فرويد، لذا يكتفي هؤلاء الأشخاص بقبول أي رأي مهما كان ، شريطة مطابقته
للقرآن و السنة، أما إذا كان غير كذلك، فلا مكان لهم في عقولهم، لأنهم يخافون أن تمس
بديهياتهم و يرون الحقيقة مخالفة لما كانوا يعتقدونه من قبل، لأن أكبر ما يخيف هو رؤيتنا
للحقيقة ، مخالفة تماما عما كنا نظن.
ما يجب القيام
به هو إلجام الكلام عن العامة ليس كل ما نقتنع به يجب أن نبوح به، فربما قد يكون خطرا،
لأنه ما لم نطلق العنان لعقولنا، بالنبش في أي شيء، و التفكير في أي شيء، بالرغم من
أن النبش في كل الشيء و مساءلته و النظر إليه من منظار آخر، أو من نافذة آخرى ، قد
يجلب لنا اللعنة من لدن الآخر أو بالأحرى من لدن العامي، لذا لاجب مناقشة أي شخص كان،
إن لم يكن تفكيره ، يصب في تفكيري.
علنا سلفا،
قبل أن نناقش شخصا ما ، معرفة أي نوع من العقول يمتلك، فإذا كان منبع تفكيره، قد لا
يجلب لك اللعنة و الطرد من الملة في تعبيرهم، فلا تتردد في الغوص معه في أغوار الفكر،
أما إذا كان عكس ذلك ، فما عليك سوى إلجام الكلام لأنه إذا ما ناقشت جاهلا غلبك.
يونس عنوري
0 تعليقات