- الخوف من الموت والوعي به
- بقلم الطالب الباحث أيوF ميس طالبمغربي، شعبة علم النفس.
"إن معرفة الأمور
المتعلقة بالموت، والتفكير في الألم وفي بؤس الحياة، هو دون شك، الدافع الأقوى للتفكير
الفلسفي والتفسير الميتافيزيقي للعالم. فلو كانت حياتنا أبدية وخالية من الألم، فلن
يقع لأحد أن يتساءل عن سبب وجود العالم وعن سبب حمله لهذه الطبيعة الخاصة، بل ستكون
كل الأشياء مفهومة من تلقاء نفسها."
شوبنهاور
يعتبر الموت
ضرورة حتمية لكل شخص يتحرك على الأرض، إلا أن هذه الضرورة أصبحت تشكل نوعا من الهلع
في نفوس الناس و ذلك راجع لتشبتنا بما نراه و المشاعر التي نكنها لبعضنا البعض، الطفل
لن يترك لعبته الصغيرة مهما كلف الأمر و إن حدث ذلك يصرخ و يبكي، فبينما الأم لا تهمها
اللعبة بقدر ما يهمها إبنها الذي تخشى فراقه، لدرجة أن الموت أصبح حقيقة مؤلمة لكل
شخص و في نفس الوقت حق على هذا الأخير.
و تنظر البابلية
إلى أن الموت ليس بالنهاية المطلقة للحياة أو أنه يؤدي إلى الفناء و لكنه يعني إنفاق
الجسد و الروح. فالجسد يتحلل و الروح تنتقل لعالم آخر، و هو نفس الشيء عند الأشورية.
فالموت لا
يعني نهاية الشخص بقدر ما يعني نهاية الجسد، فالجسد هدية من الصانع لتقطن فيه الروح،
فبينما الروح تعود للإله الأزلي بالنسبة للفيلسوف ( إمبيد كلس).
فإذا كان
الموت مرحلة إنتقالية من بعد إلى آخر، و أن
الإنسان لا يموت، نحزن عند موت أقاربنا ؟ و لما نخاف من الموت ؟
نخاف من موت
أقاربنا لأنه يهمنا أمرهم في حياتنا و لا نتذوق طعم الحياة إلا معهم، هذا من جهة، و
من جهة أخرى نخاف لأننا لا نبالي بحقيقة الموت البتة و لا تتخذها بجدية ، ثم فكرة المستقبل
و تزيينه و التطلع لعيشه و الإهتمام به يبعد عنا حقيقة الموت و ترك العالم المادي،
حتى أصبحت هذه الحقيقة مرعبة جدا و أصبح الإنسان لا يفكر في الموت إلا في حالتين، الأولى
عند رؤيته أو سماعه بموت أحدهم، و الثانية عندما يكبر و يفقد طاقته و شبابه ليصبح عجوز
غير قادر على فعل الكثير من الأشياء ليخاف من الحياة بعد خوفه من الموت و يصعب عليه
مواجهة الموت، آنذاك لن يستطيع التعايش معه.
و يبدو لي
أن ظاهرة الخوف من الموت نتجت عن قوة تفكيرنا
بالحياة و تشبتنا و خوفنا من عدم تحقيق ما نريد أن نحققه ، و هذا يدل على فشلنا و ضعف
شخصيتنا تجاه الحياة والموت. و "غوردون" يرى أنه إذا استطعنا التعايش بفكرة
أن اللحظة التي نحن بصددها هي آخر لحظة في حياتنا، فإننا لن نعاني من أية صعوبة أو
صراع، وأن المشاكل ستختفي لتظهر لنا الحياة أنها جد بسيطة وسلسة، ويشدد "كوستباوم"
على فكرة مهمة، وهي أن الوعي بالموت يسهل الحياة ويجعلنا نخطط لها بنظرة شمولية / كلية.
وتوجد فئة
أخرى أسميها بالفئة المنتظرة، وهي التي ارتداها الإكتئاب وسيطر عليها بحيث تفقد الرغبة
في الحياة، لا هي تعيش كالناس ولا ميتة كالأموات، وهذا بحد ذاته موت، أن نجعل مشاكلنا
تعود علينا بالضرر لتصبح لنا الرغبة في الموت، هو ضعف وهو ما يجعل بعض الناس تنتحر،
فلو كان لنا وعي تام بالموت لما عشنا الخوف منه!
أيوب ميس
1 تعليقات
أحييك الاخ ايوب ميس على مقالك القييم،لكن لما لم تتطرق لمسألة الموت من الناحية الفلسفية خصوصا الاراء الفلسفية المعاصرة تجاه الموت كمعضلة فلسفية ؟
ردحذف