- رواية عالم صوفي و رهاناتها
- زكرياء الساسي طالب باحث- شعبة الفلسفة - جامعة ابن طفيل بالمغرب.
________________________
بعد قراءتي
لرواية عالم صوفي للكاتب الدنماركي جوستان غاردر ، و التي هي عبارة عن لمحة تاريخية
للفكر الفلسفي منذ بدايته الى حدود الحقبة المعاصرة بطريقة أدبية رفيعة، نجد أن كاتب
يطرح أفكار فلسفية عميقة بطابع أدبي متين و متزين.
تدور أحوال
هذه الرواية في بلاد النرويج ، بين اب مقيم في إحدى الجيوش أمريكية في أراضي مسلمة
(لبنان) اسمه المايجور فهو يراسل ابنته التي تدعى هيلد مولر كيناغ على شكل حوارات،
الحوار يدور بين فتاة اسمها صوفي أمندسن ورجل غامض اسمه ألبرتو كونكس و هو استاذ الفلسفة،
فتتلقى صوفي بطاقات صغيرة عليها أسئلة فلسفية عميقة (من انت؟) ثم (من اين أتى العالم؟)،
فالكاتب يجعل الشخصية صوفي و ألبرتو مجرد دمى متحركة يلعب بهم اب الفتاة هيلد الذي
يدعى المايجور، فهم فقط في وعيه و يترجمهم الى أناس في الورق، لكن ما الرهان الذي يطرحه
الكاتب الدنماركي غاردر ؟؟ .
هذا هو السؤال
الذي يجب أن يطرحه كل من قرأ أو يريد قراءة هذه الرواية الرائعة، للإجابة على السؤال المطروح،
نجد أن غاردر يطرح إمكانية تدريس و تعليم الفلسفة للاطفال فى صوفي فتاة تبلغ من عمر
اربع عشر سنة يصورها الكاتب على أنها بعد تعرفها على فكر الفلسفي انطلاقا من مجموعة
الدروس قد تغيرات نظرتها للحياة و اكتشفت مجموعة من المعارف الجديدة التي كانت تبدو
لها عادية قبل تعلم الفلسفة، كما انها بدأت بطرح العديد من الأسئلة، فهذه فكرة قد تغير
الوعي الاطفال أو المراهقين فيمكن للفلسفة أن تساعدهم على اكتشاف ذواتهم و ذوات الآخر
أو الغير ثم معرفة العالم من حولهم، و تغير نظرتهم حول الحياة بصفة عامة، كما يمكن
للفلسفة ايضا أن تساعدهم على تخطي مشاكل المراهقة و الإدمان بحيث تتسع نظرتهم و تتحول
إلى طرح مجموعة من الاسئلة، ففكرة تدريس الفلسفة للاطفال قادرة على خلق المجتمع يتحلى
أفراده بالمسؤولية و روح المواطنة و القيام بالواجب، فكل هذه المفاهيم هي ذات طابع
فلسفي يمكن ان نظفي عليها طابع الشبابي مما قد يساهم في النهضة الفكرية الشبابية بإمتياز،
فكل الأمة أو الدول تجعل راهنها الأول هو الشباب، لان الشباب هم المستقبل و هم من بيدهم
مفاتيح التغير، فهذه التجربة (تدريس الفلسفة للاطفال) نتمنى أن نراها في العالم العربي
و الإسلامي فقد تعطي ثمارها على مجموعة من المجالات، فيمكن أن ينشأ لدينا الفلاسفة
ومفكرين كبار و لم لا، كما يمكنها محاربة الفكر الداعشي والمتطرف الذي يخلق لنا الإرهابيين
في المجتمع.
فهل سنرى
تدريس الفلسفة للاطفال في العالم العربي ؟ كما هو الحال بالنسبة للدول الغربية ؟؟ أم
أننا سنحتفظ بتدريسها فقط في الأقسام الثانوية ؟؟.
إن هذا السؤال
سؤال جذير بالإهتمام بالنسبة للمنظومة التعليم في الدول العربية، وبرجوعنا إلى
الواقع نرى أن الفلسفة تهاجم من طرف المتشددين الذين ينظرون إلى الفلسفة على أنها
تعتبر طريقا للكفر و الزندقة، هذا من جهة و من جهة أخرى نرى حصارها من طرف الدولة التي
ترى أنها مادة مشاغبة تخلق لها متاعب عديدة وتزعزع مكانة السلطة، فالفلسفة تحرض الوعي و تبحث
عن الحقائق و تهدم الأيديولوجيات، و لهذا يتم تدريسها في الأقسام الثانوية فقط، على
العكس من هذا فبعض الدولة وحاصة الغربية بدأت
في خطوة تدريس الفلسفة للاطفال، فهناك عدة
تجارب في انجلترا و فرنسا و كذلك ألمانيا، و هناك العديد من الدول تتخد الفلسفة كمادة
اساسية يتم تدريسها، إذ قال رئيس إيرلندا مايكل هيغينز، في شهر نوفمبر الماضي،
إنّ " تعليم الفلسفة للأطفال هو من بين أقوى الأدوات الموجودة في متناولنا، والتي تسمح لنا بتمكين أطفالنا من التصرّف بحرية ومسؤولية في عالم أكثر تعقيداً وترابطاً والتباساً ".
زكرياء الساسي
1 تعليقات
أحييك الاخ زكرياء على هذا المقال المتميز الذي يعتبر تحديا كبيرا امام المنظومة التعليمية في العالم الثالث من خلال تسطيرك لمجموعة من التحديات والاسئلة المهمة التي تناولتها في مقالك.والتي تخص بشمل أساسي فكرة الفلسفة للاطفال.
ردحذف