في حيرة التساؤل عن ما الفلسفة؟
ان سؤال ما الفلسفة؟ سؤال سيؤدي بك إلى إلى طريق مسدود، دون اي نتيجة، تائها في عالم
لا بداية ولا نهاية له. وحتى الإجابة عن هذا السؤال حتما ستشعرك بالدوران، حيث يوجد
من الأجوبة بقدر ما يوجد من الفلاسفة، هناك من عمل على تخصيص كتاب كامل لهذه المهمة
مثل دولوز في كتابه "ما هي الفلسفة" الذي حاول تعريف الفلسفة بقوله : الفلسفة نشاط نعمل من خلاله على
"إبداع المفاهيم ". لكن سرعان ما تقرأ كتاب آخر يغيب هذا التعريف. وإذا تطرقنا
إلى تعريفها مع تطور الحقب نجدها تعني عند اليونان والرومان مثلا : "فن العيش لبلوغ السعادة
والفضيلة و الوصول إلى الحقيقة" (الابقوريين والرواقين الشرق) . هكذا يتبين أن الفلسفة ليست
عملية رياضية تقوم بجمع اعداد لتصل إلى نتيجة مطلقة لا تتغير رغم تغير الأمكنة والأزمنة
والأشخاص.
فالفلاسفة ما هم إلى مفكرين موسوعين
يدرسون الميتافيزيقا والرياضيات، الوجود، العدم،
الزمن، الروح، الفلك، الطب، والعلوم الانسانية... بشكل عام.
الفلسفة من حيث تعريفها العام -كي
نخرج على الأقل من زحمة التعاريف - ماهي إلا أداة للسؤال الذي يثير ويستفيق به العقل،
فكل جواب ما هو الا هدم وتجاوز ونقد، إن السؤال أهم من الجواب وكما قال كارل ياسبرز:
"الفلسفة لا تبحث عن الأجوبة بل تسأل وتبحث عما تطرح "
عندما تكون المشكلة هي طريقة تفكيرنا،
ونظراتنا للامور، فإن الامر يختلط، ونقع في دائرة لا مخرج منها؛ دائرة محيطة بالاختلاف، و الدوغمائية،
و المعانات، فنبحث عن الأدوية والعلاج للخروج
من هذا الداء باقل مخلفات -أو دون ترك مخلفات
- لذا امن بالعلاج بالفلسفة، كما جاء في كتاب للمفكر المغربي سعيد ناشيد المعنون(التدواي
بالفلسفة ) الفلسفة تعرض علينا زاوية تقلل معاناتنا ولا يمكن أن تحميها، فإذا ضاق عالمنا
ليس بالضرورة أن يضيق عالمك الداخلي والمعرفي، لندع توقعاتنا جانبا فالواقع في شتى الأحوال
ضدها، افهم أنك ما عليه الآن وهذا ما تملكه، اما الماضي والمستقبل لا يزيدونك إلا عذابا
وضياعا، لتعلم قيادة السيارة نحتاج إلى تعلم الحياة، لنتعلم كيف نحيا ونموت، فالقدر
ليس ثابت الأركان بإمكانك أن تغيره كما فعل الآخرون .
عندما
تسقط لا تسلك الطريق مرتين قد تدمر ما عليه وما هو آت فسلك نفس الطريق موت آخر. لذا تصدق هنا قولة :الفلسفة سم للعوام ودواء للخواص ".
القول
بأن الفلسفة خارجة او منسلخة عن الحاضر والزمن فنتشيه
"الفلسفة بنت زمانها " والادعاء بانها لا
تنظر ولا تبث بأي صلة مع حاضرنا ؟ ما هو ادعاء آخر !!!! وإذن
كيف لنا ان نقطع علاقة الام بأبنائها ؟كيف
لها ان تنسلخ من حاضرنا وصلبها وغذاءها السؤال الحي .
ميرلوبونتي يعطينا كيف الفلسفة تنبثق
من لحم الحاضر ليست لها قطعية مع العالم وهذا لا يعني انها إنطباقا معه،بمعنى ليست
تبحث عن تحليل علاقتنا بالعالم ولا تفكيكها، نحن
لا نعرف بل نؤمن بادراكتنا .فالفلسفة نفسها ايمان إدراكي صميمها سؤال موجه لما
لا يتكلم فينا....مزيج بين المتكون مت من العالم ومنا الذي يسبق التفكير، أثناء تفلسفنا
نحن نطلق العنان الاستيقاظ من غموضنا وليس من بداهتنا- فالسؤال-الفاجعة الاولى من هذا الشيء الذي نحن؟ما العالم؟اين نوجد.......؟فلكل
واحد منا "عالما خاصا"ولكن عوالمنا الخاصة ليست العالم المشترك، فالتفلسف
ليس أن نضع الأشياء موضع شك بإسم الكلمات فاللغة نفسها "عالم كينونة ".فالفلسفة
ليست تحليل لساني بل أكثر من ذلك، فالكلام لا يدور حول ما نعرف فقط بل حول ما لا نعرف
:لا تبحث عن الأجوبةبل تؤكد دهشتنا ،الفلسفة الحق هي تلك التي تسأل تجربتنا للعالم
كما هو قبل أن يكون شيئا ،يتحدث ميرلوبونتي أن الفيلسوف من يحفظ على العالم بداهته،
بل على العكس من ذلك هو من ليس في وسعه سوى أن يؤدي الى "خسرانها "وتحويلها
هي ذاتها إلى "لغز"قائم الذات .لذا لا يمكننا أن نجعل اللغة قادرة على أن
تتكلم عن ما يصوغ صمتنا في داخلنا "اللغة لا تحيى إلا بالصمت...ا"
إذن الفلسفة شغف التأسيس وإعادة التأسيس
والبناء، وحتى عندما يقوض الفيسلوف ما سبقه من عمارات فلسفية ويكون لكل واحد مهمة بناء
عمارة فلسفية جديدة. إن السؤال ما العلم؟يعود للفلسفة وليس للعلم وكذلك الفن يعود للفلسفة
وليس للفن... وحدها الفلسفة التي تؤسس غيرها
وتطرح تاسيس ذاتها بذاتها، لذا فالسؤال هو سؤال فلسفي بامتياز ولا يمكن الإجابة عنه
إلا بعد فترات طويلة.
مستقبل الفلسفة رهين بتضافر الجهود
المبذولة من لدن كل من المرأة والرجل على حد سواء فالعطاء الفلسفي يجب أن يمتاز ويتشبع
بقيم الاختلاف و مبدأ العطاء .
الفلسفة طريق يقودنا الى رحلة بعيدة
عن الأوهام ..........ورحلة غير مأمونة النتائج
0 تعليقات