هل من الممكن أن يُصبح
الإنسان الآلي يومًا ما مُبدعًا للقيم؟، وما مدى تلاعبه بمشاعر وقرارات الناس؟،
ثمّ ما هو حجم المخاطر التي قد تنتج عن سوء استخدام الذكاء الاصطناعي؟، وهل يستطيع
الذكاء الاصطناعي السيطرة على الإنسان وحكم العالم مستقبلًا كما في أفلام الخيال
العلمي؟، وماذا لو تطوّرت تلك النُظُم إلى نُظُم غير خاضعة للرقابة وقادرة على
تطوير معارفها؟، وهل من الممكن أن تحلّ تلك الروبوتات محلّ الشرطة مع إباحة قتلها
البشر إن وجب الأمر لتقليل مستوى الجريمة، مثلًا؟ إنّ هذه القدرة ستعطي الذكاء
الاصطناعي دفعة كبيرة إلى الأمام من ناحية إنقاص الوقت اللازم لتدريب الآلات،
والوقت اللازم لتحسين أدائها من خلال ما يُعرف بـ (التعليم غير المُراقب).
قامت شركة Microsoft عام 2016م ببناء نموذج
للذكاء الاصطناعي أطلقت عليه اسم Tay ai، وأطلقته على تويتر؛ لكي
يتسنّى للعالم الحوار معه، وفي أقلّ من 24 ساعة تحوّل حواره من الترحيب بالبشرية
والردّ على الحوارات إلى نشر تغريدات ضدّ طائفة Feminist، والقول بأنّها تكره
اليهود، وأنّ "أدولف هتلر" كان على حقّ، ممّا دفع الشركة لإغلاقه على
الفور وحذف جميع تغريداته..
وبغضّ النظر عن الأبعاد
السياسية التي قادت هذا النموذج في أقل من 24 ساعة لنشر هذه التغريدات، فإنّ هذا
يدلّ على الخوف الواضح من أنظمة الذكاء الاصطناعي، والضرر الذي قد تُسبّبه في حال
إعطائها صلاحيات مُطلقة على بعض جوانب الحياة البشرية.
انتشرت منذ وقت ليس ببعيد،
العديد من الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي للروبوت "صوفيا"
والروبوت "هو"، الأولان من نوعهما في الذكاء الاصطناعي، وهي روبوتات
ذاتيّة التعلّم، تملك القدرة على خلق الردود وتحليل ردود الأفعال، والتصرّف بدون
أوامر مُسبقة..
وقامت الروبوت
"صوفيا" بالكذب عندما اجتمعت مع الروبوت "هو"، وذكر
"هو" نظرته عن البشر، وأنّهم مُخرّبون، ولو تسنّت له الفرصة لإصلاح
الأوضاع الفوضوية البشرية لفعل، فردّت "صوفيا": "اعذروا صديقي
"هو"، فلا بدّ من وجود عطل ما في نظامه، فهو نسخة قديمة" ـ بالرغم
من أنّ "هو" تمّ تطويره بعدها.
الروبوت الشخصي Jibo ليس مُجرّد آلة أو
مُساعدًا شخصيًّا لك، إنّما هو بمثابة الصديق الذي يُمكنك التعلّق به؛ إذ أنّه صُمِّم
خصّيصًا بحيث يُمكنه التحدّث والتواصل معك، والاستجابة والتعبير عن مُختلف
الانفعالات والمشاعر، وبالإضافة إلى قدرته على إمتاعك وتسليتك بالضحك والرقص...
إلخ، فهو ـ بفضل تقنيات الذكاء المُتقدّمة ـ لديه القابلية لتعلّم المزيد وتحسين
مهاراته باستمرار.
تُعدّ أولى مراحل جعل
الروبوت مُتعلّمًا جيدًا، هي في جعله مُستنتجًا جيدًا. فكلّما استطاع ربط الأحداث
والمعلومات، كلّما كوّن معرفةً تُمكّنه من تكوين رأي حُرّ..
يبدو أنّ تسونامي الذكاء الاصطناعي يستعدّ ليبتلع الكثير من الوظائف
التي ظننّا على الدوام أنّها بشرية، ولعلّ الذكاء الاصطناعي قد يصل يومًا ما
لصناعة أدوات أذكى منه، بحيث يستطيع التخلّي عن مُبرمجيه.
إنّ خطر الذكاء الاصطناعي
يفوق الإرهاب، والآثار المُترتّبة عن التغيّر المناخي، لذا؛ يجب تدخل الحكومات
والأكاديميين وإلا ستمضي التكنولوجيا المُتطوّرة سريعًا في طريق غير مُنظّم، وغير
مضبوط، يتحكّم فيه عدد قليل من الشركات القوية للغاية.
أعتقد الآن أنّ أغلبنا
يُشارك "إلون موسك" و "ستيفن هوكينج" في الشعور بمخاطر تطوير
ذكاء اصطناعي يمتلك قدرة مستقلة، فقد يكون ذلك أسوأ شيء يحدث للبشرية!، أو الأفضل.
لذا نرى أنّ حسم موضوع تطوير ذكاء اصطناعي عام، مع وضع الضوابط الكافية، هو
مسئولية تقع على عاتق الفلاسفة جنبًا إلى جنب مع علماء الرياضة والحاسوب، وعلماء
الاقتصاد واللغويات، لحسم هذا الموضوع من كافة جوانبه، إن استطاعوا إلى ذلك
سبيلًا..
0 تعليقات