جدل الأمن والحرية / برؤية "زيجمونت باومان" بقلم: سلامة عبيد الزريعي | فيلوكلوب

جدل الأمن والحرية / برؤية "زيجمونت باومان"
بقلم: سلامة عبيد الزريعي

لقد اشرنا في مقال سابق على موقع نادي الفلسفة، بان الحرية بالمفهوم السائل عبارة عن حالة ممتدة من عدم اليقين. تؤكد إمكانية الخطأ والسقوط. وهذا هو بالضبط إمكانية خلاص العالم عبر مقاومة الشر.  لكن السؤال كيف يلتقي الأمن مع الحرية ذات الأجنحة التي لا ضابط لها تقليديا. مع الطاعة والانضباط، وما يرتبط في الذهن بالصرامة والطاعة دون حوار ولا جدال ونقاش...

ولكن التساؤل كيف يلتقي الأمن مع الحرية  إذا افترضنا بأن الأمن يعنى السكينة والهدوء وان الحرية الانفلات  وعدم الانضباط،  ولا للضرورة كما الحتمية من اعتبار في علاقتها بالحرية ؟

لمناقشة علاقة الأمن كانضباط والتزام أمام القوانين والتقاليد والعادات الاجتماعية مقابل الحرية كحالة من الانطلاق واللايقين الممتد ابد.... وهل هناك للتعايش معا أو الاستغناء عن بعضهما عن بعضهما . وهل يمكن العيش بأحدهما....

ينطلق" باومان" كعالم، وفيلسوف اجتماعي، امتاز بفكرته عن السيولة... من فكرة "رأس المال الاجتماعي" التي صاغها "روبرت د. بوتنام"[1]( Robert David Putnam) ، . فانتشرت الفكرة إلى أن أصبحت مقبولة ومستخدمة على نطاق واسع في العلوم الاجتماعية بأسرها. ص38 عن الله والإنسان وعلى اختلافها وتنوعها. كما تشكل فكرة "رأس المال الاجتماعي" الرصيد الذي يستخدمه الأفراد في بناء ‘الأعشاش الاجتماعية"، كما أطلق عليها "باومان"، وأن كثافة النسيج الاجتماعي، وقدرته على الدوام، هي ما يحدد جودة هذا الرصيد. ص38 عن الله والإنسان

وإذا كان "بوتنام" قد فرق بين نوعين من "رأس المال الاجتماعي"، وهما" إقامة الجسور، وإقامة الروابط الاجتماعية" فان "باومان" وصف هذين النوعين من رأس المال، بنمطين من الانتفاع به، أو هدفين لاستخدام رأس المال.ص38 عن الله والإنسان

الأول: إقامة الجسور... يتمثل في استخدام إقامة الجسور، فهي واضحة في جهود التطور الاجتماعي، والعكس فان انعدام ذلك، سيؤدي إلى التدهور الاجتماعي) ص38 عن الله والإنسان

الثاني: إقامة الروابط... يوثق فيها رأس المال الصلة بين الجماعات وذلك بالحد، والتحصن في مواقف موروثة أو مكتسبة، من وصول الدخلاء إلى الجماعة، وإقصاء المتطفلين، أو الحد من حق الاختيار الحر الممنوح لأعضاء الجماعة. ص38 عن الله والإنسان  

بشكل أوضح وأدق: روبرت بوتنام: قسم "فكرة رأس المال الاجتماعي" إلى نوعين: الأول: إقامة الجسور...والثاني: إقامة الروابط. أما "زيجمونت باومان": اعتبر هذين النوعين( إقامة الجسور، وإقامة الروابط) من رأس المال، عبارة عن نمطين، أو هدفين من الانتفاع به. وليس نوعين، كما ادعى "بوتنام"

عالمية الانتشار:

إن الأهم في هذا السياق سالف الذكر هو اعتبار " بوتنام" بان رأس المال هو الركيزة الأساسية للمنظومة الاجتماعية، علاوة على مقدرة استخدامه على التحول السريع، وصولا إلى عالمية، الانتشار العام. ص39 عن الله والإنسان والوصول إلى كافة الشرائح والطوائف الاجتماعية على اختلافاتهم وتباينهم في مستوياتهم المعيشية.

حبل الثقة: تساهم الثقة في الحضور المشترك للرفاق والإخوة والأهل والأحباب

وكنتيجة لعالمية الانتشار فان الحضور المشترك للرفاق أو الأخوة المتكاتفين، الذين يعتصمون بحبل الثقة في الإخلاص المشترك، ومن ثم يقللون مخاطر الردة إلى أدني حد، هو أمر مهم لفتح البواب على مصرعها، كما انه على القدر نفسه من الأهمية لحفر الخنادق، لبناء الجسور وتشييد المتاريس. ص39

فالثقة هي الحبل السري الجامع كما أن الإخلاص والإخوة والصداقة يقومان على الثقة وفي هذه الحالة يتم التقليل من روح العداوة والتنمر تجاه الآخرين، وهذا ما يدعو لتشريع الأبواب كما أن غيابها يدفع الى التمترس والتخندق لعدم وجود حبل الثقة.

يشبه باومان بان هذين الهدفين المتقابلين مثل قطعة نقود ذات وجهين، ولا يمكن لها الاستغناء عن احدهما. فرأس المال الاجتماعي، الذي نملكه جميعا بدرجات متفاوتة، هو سبق قوي، ولكن من المهم أن نتذكر أن هذا السيف سلاح ذو حدين. ص39 عن الله والإنسان

إن الكنائس التوحيدية، وكل الجماعات الاجتماعية، تظهر إلى الوجود وتستمد قدرتها على البقاء من جدل اندماجها وانفصالها، واختلاطها واغترابها، ودمجها وإقصائها، وانفتاحها وانغلاقها. ص39

الأمن والحرية:

 إن هاتان العمليتان المتقابلتان المتشابهتان في أي فعل لتكوين الجماعة تختلف نسبهما ونسبة الاهتمام بهما في ظروف مختلفة، ولكن لا يمكن القضاء التام على أي منهما. ص39 عن الله والإنسان أنهما حاضرتان في آن واحد وان كان ذلك في جرعات وكثافات مختلفة،

في وجود العصابات الإجرامية وفي "أطباء بلا حدود". وهذا أشبه بجدل الأمن والحرية الذي حاول "باومان" فهمه في مواضع كثيرة، فمن الصعب عليهما التعايش معا، ولكن لا يمكن لأحدهما الاستغناء عن الآخر.

 فعالمنا هو عالم منظم للغاية، وموضعنا في الحياة مرتب للغاية، حتى أن العيش من دون احدهما يشبه امتلاك يد واحدة والتصفيق بها. ص39 عن الله والإنسان

دور النخبة السياسية الفلسطينية في تكوين رأس المال الاجتماعي

03 سبتمبر،2013 المؤلفون نـاديـة أبـو زاهـر

باحثة فلسطينية، حازت على منحة الفورد للدراسات العليا، ومنحة السفارة الفلسطينية. حاصلة على دكتوراة من جامعة القاهرة تخصص نظم سياسية بتقدير امتياز، وماجستير في الديمقراطية وحقوق الإنسان من جامعة بير زيت بتقدير امتياز. وعلى بكالوريوس في الصحافة من جامعة النجاح وكانت الأولى على دفعتها في قسم الصحافة. لها كتاب منشور وعدد من الدراسات في المجلات المحكمة والعديد من المقالات والدراسات المنشورة في مجلات ومواقع مختلفة، وشاركت بأوراق عمل لها في مؤتمرات عربية وأجنبية، تعمل باحثة برلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني. وتحاضر في جامعة بير زيت.

كتاب "دور النخبة السياسية الفلسطينية في تكوين رأس المال الاجتماعي" (480 صفحة من القطع الكبير) هو دراسة تقدمت بها مؤلفته نادية أبو زاهر  لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة، تناقش فيها مصطلح رأس المال الاجتماعي الذي شاع تداوله منذ تسعينيات القرن المنصرم، وكان له شأن مهم في بلورة مفاهيم التنمية والديمقراطية والمجتمع المدني، وفي تحديد مؤشراتها، مثل الثقة والتعاون والشبكات. وهذا الكتاب عرض تحليلي وتركيبي معًا لبعض أفكار بيار بورديو وروبرت بوتنام، وغيرهما، ومحاولة لاكتشاف أثر المؤشرات التي أنتجتها أفكارهم عن رأس المال الاجتماعي في النخبة السياسية الفلسطينية، ولا سيما لدى النخب السياسية في حركتي "فتح" و"حماس"، مع الأخذ في الحسبان أن النخب الفلسطينية لا تعمل في مجتمع مدني راسخ ومفتوح، بل في نطاق جغرافي- سياسي يطبق عليه الاحتلال الإسرائيلي بجميع تفاصيله.

كما تتناول الكاتبة بالتفصيل الإطار النظري لمفهوم رأس المال الاجتماعي، وأنواعه، ومصادر تكوينه، فضلًا عن خصوصية مصادر رأس المال الاجتماعي وأنواعه في الحالة الفلسطينية. ولا تغفل المؤلفة الدور المهم للاحتلال في تكوين رأس المال الاجتماعي وخصوصية الحالة الفلسطينية، إضافة إلى مصادر تكوّنه. وتحوز اهتمام القارئ عندما تتحدث عن النخبة السياسية الفلسطينية وسماتها، وعن صراع شرائحها وعن أثرها في تكوين رأس المال الاجتماعي

المركز العربي للابحاث ودراسة السياساتراجع:

https://www.dohainstitute.org/ar/BooksAndJournals//Pages/art282.aspx.

روبرت د بوتنام

HOST & NARRATOR        من سلسلة أطفالنا 

 روبرت د. بوتنام هو أستاذ أبحاث بيتر وإيزابيل مالكين للسياسة العامة بجامعة هارفارد. وهو عضو في الأكاديمية الوطنية للعلوم ، وزميل الأكاديمية البريطانية ، والرئيس السابق للجمعية الأمريكية للعلوم السياسية. في عام 2006 ، حصل بوتنام على جائزة Skytte ، وهي أعلى وسام في العالم لعالم سياسي ، وفي عام 2012 ، حصل على الميدالية الوطنية للعلوم الإنسانية ، وهو أعلى تكريم للأمة للمساهمات في العلوم الإنسانية. تشمل المنشورات البارزة جعل الديمقراطية تعمل وحيدة البولينج: انهيار وإحياء المجتمع الأمريكي ، وكلاهما من بين أكثر أعمال العلوم الاجتماعية شهرة (والأفضل مبيعًا) في نصف القرن الماضي. أحدث مؤلفاته كتاب بعنوان "أطفالنا: الحلم الأمريكي في أزمة" ، وهو من أكثر الكتب مبيعًا في نيويورك تايمز ، وسيصبح قريباً مسلسل تلفزيوني عام ، ويسرد الفجوة المتزايدة في الفرص للشباب الأمريكي. يعمل بوتنام الآن على مشروع تجريبي رئيسي حول الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في القرن العشرين والآثار المترتبة على الثقافة الأمريكية. صنداي تايمز اللندني روبرت د. بوتنام "الأكاديمي الأكثر نفوذاً في العالم".

rubirt d buatn

https://www.ourkidsseries.org/who-we-are/dr.-robert-putnam/

---

[1]