سؤال التراث والتجديد مدخل للتصورات العامة بقلم: محمد المرابط | فيلوكلوب

فيلوكلوب سبتمبر 05, 2019 سبتمبر 14, 2019
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال: سؤال التراث والتجديد مدخل للتصورات العامة بقلم: محمد المرابط
-A A +A

سؤال التراث والتجديد
مدخل للتصورات العامة
بقلم: محمد المرابط



إن موضوع التراث والتجديد أصبح في الآونة الأخيرة محور اهتمام المفكرين، المثقفين والعلماء ...على اختلاف "فكرانياتهم" ومرجعياتهم؛ فكتبت كتبٌ وسطرت مجلاتٌ و أغرقت لغة الخطاب بمفردات، و وقع أخذ و رد. و هو في الحقيقة موضوع يحتاج النقاش والتأمل .والمتأمل  في من اشتغل وانشغل بهذا الموضوع سيجد أنهم انقسموا  إلى ثلاثة أقسام؛ كل على حسب فكرانيته  وتكوينه وتصوراته الكلية .
-        القسم الأول:
التراث عندهم أمر لا بد منه مع احترام قدسية القران والسنة الصحيحة من حيث الثبوت لا من حيث الدلالة _غير النص بلغة الأصوليين _ يريدون  التجديد والتحديث بناء على الأرضية المميزة لهم والمختلفة تماما عن أرضية غيرهم .
و عمل أصحاب هذا الاتجاه  على الجمع  بين :
1-    التراث الإسلامي  الثابت_ القران والسنة الصحيحة _والمتغير_ (آفهام  العلماء وإنتاجهم  في اللغة والأصول  والفلسفة والفقه ...)  
2-    و"حداثة" وفكر الغير (الغرب)  بعد التمحيص والتدقيق المفاهيمي ،الذي مكنهم من استصحاب بعض الأمور من حداثة الغير التي لا تناقض القواعد الكلية للإسلام ليساعدهم  ذلك في تجديد التراث وبناء تصور كلي إسلامي حضاري في جميع المجالات ،على حسب ما تقتضيه الظروف الزمانية والمكانية  والحالية وأصحاب هذا القسم -على سبيل المثال لا الحصر:
_طه عبد الرحمن، من المغرب
_عماد الدين خليل من العراق  
_ وابو يعرب المرزوقي من تونس
_ومالك ابن نبي من الجزائر
هؤلاء خلقوا  ثورة فكرية إسلامية بكل المقاييس وان اختلفوا في معالجة القضايا الجزئية .
القسم الثاني:
وهم التراثيون الذين لم يفهموا التراث جيدا يغلب عليهم طبع التقليد إلى حد التعبد بالسابقين ودائما ما تجدهم يرددون ويسوقون في خطاباتهم  على أنهم المدافعون عن الكتاب والسنة والمتمسكون بهما،  ولكن لا يفرقون بين الثابت فيه والمتغير  ويجعلون الشريعة الإسلامية كلها ثابتة من حيث الدلالة، وحتى التراث الإسلامي باعتباره إنتاجا بشريا غير مقدس واجب علينا استصحابه بدون قراءة نقدية ، فتجدهم يبدعون في كل شيئ حتى في وضع المفاهيم العلمية ، وحالهم يقول بان القران جاء بجميع تفاصيل الحياة لا بقواعدها العامة  إلا القليل ،ولا يقبلون الأخر من المسلمين قبل غير المسلمين ، لأنه اختلف معهم فيما هو متروك للعقل البشري  _ الظاهر، والمؤول ،والمطلق ..._.
 أما اطلاعهم على ثقافة الغير _المسلمون ممن اختلف معهم  فكرانيا والغرب _؛ فضعيفة جدا وسبب هذا راجع إلى :
1-     القراءة الانتقائية بالمعنى السلبي ، يعني أنهم يقرءون للبحث عن الثغرات والأخطاء لغاية في النفس ، وليس لأمر أخر ،
2-     انعدام  القراءة في بعض الأحيان ،وهذا راجع إلى أن الحق معهم وحدهم ، بمعنى كل ما عند الغير لا يفيد في شيء .
وهذا القسم من اكبر عوائق التحضر الإسلامي ،لان توجههم العام يقول لا تجديد في الإسلام، وهذا ما يقوله  الذين يتغنون  بالحداثة الغربية من كونه غير  مواكب للتطورات الكونية والنواميس الطبيعية ’لان  مفهوم كل العقل والتعقل والتفكير والتدبر والتجديد  بدعة غير واردة عند السلف ، ويالتهم وقفوا عند ما عند السلف من تجديد وإنتاج  ، ابن تيمية نموذجا ، الذي يدفعهم إلى الوقوف فيما قيل، وإن كتبوا ؛ فهم لم يخرجوا عما قيل.
وهذا الجانب يمثله بعض (المُتَسَلِّفِين) أي: ممن يدعي السلفية، والسلف  مهم كالذئب من دم  يوسف.
القسم الثالث:
باعُهُمْ في التراث ضعيف أو لا باس به ، لكونهم درسوا التراث _ في الغالب _  لا لفهمه واستيعابه وتطويره، وإنما لنقده(النقد المسيب ) بحيث لو تأملت توجههم العام في الموضوع ، ستكتشف انه ردة فعل على فعل الذي لا يقبل النقاش في التراث،  وغالبا ما تكون ردة الفعل متطرفة وخارجة عن القواعد العلمية المحترمة لخصوصية بيئتها .
يقول طه عبد الرحمن للجابري  و هو ينتقد نقده الابستمولوجي للتراث العربي الإسلامي: "وجدت عندك ثغرات في المعلومات وثغرات في المنهج"، يريدون التجديد ليس بالياتهم وإنما بآليات الغير المبنية على احترام ثقافة وأعراف بيئتها ،وهي تختلف تماما على بيئة  التجديد عندنا :
أولا: الاختلاف الثقافي السياسي والجغرافي .
ثانيا: وجود ما هو مقدس عندنا  القرآن و السنة  أساس الهوية  الإسلامية.
وهنا يجيب استحضار العداء الذي كان بين الكنيسة ورجال الأدب والفلسفة، وانتصار الفلاسفة والأدباء على رجال الكنيسة .  (فمجددو) العرب الحداثيون لا يفرقون من حيث الفعل  بين :
الكنيسة  كمؤسسة
الدين
 فالدين ليس هو المؤسسة ، وأصول الشريعة الإسلامية ثابتة  ،فهم يدخلون القرآن و السنة في التراث لأنهما في نظر بعضهم مجرد "نتاج التفاعل الاجتماعي"، وحالهم يقول يجب مراجعة القران والسنة من حيث هما مادة خامة .
وغافلوا  أو تغافلوا أن القرآن قسمان :
1_ابتدائي. اي أنه نزل بغير سبب وهذا هو غالب القرآن،
2_وسببي أي: أنه نزل لسبب،اما لحادثة وقعت او سؤال وجه للنبي صلى الله عليه وسلم لا يمثل الا جزئا صغيرا للغاية
وقد سقم هذا القسم ابن عاشور رحمه الله  الى خمسة اقسام في كتابه التحرير والتنوير فقال: 
المقدمة الخامسة في اسباب النزول
أسباب النزول التي صحت أسانيدها فوجدتها خمسة أقسام 
_الأول: هو المقصود من الآية يتوقف فهم المراد منها على علمه ، فلا بد من البحث عنه للمفسر ، وهذا منه تفسير مبهمات القرآن ، مثل قوله تعالى_ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ...
_والثاني: هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام، وصور تلك الحوادث لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد.....
_والثالث: هو حوادث تكثر أمثالها ، تختص بشخص واحد ، فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها...
_والرابع: هو حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات ، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية ...
_والخامس قسم يبين مجملات ، ويدفع متشابهات مثل قوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فإذا ظن أحد أن ( من ) للشرط أشكل عليه كيف يكون الجور في الحكم كفرا ،تم ادا علم سبب النزول هم النصارى علم ان من موصولة وعلم ان الدين تركوا الحكم بالانجيل لا يتعجب منهم ان يكفروا بمحمد...
بهذا التغافل يخضعون القرآن والسنة الصحيحة للتحديث والتجديد  من حيث الوجود والثبوت ، والتحديث هنا له نتائج محددة ، من اهمها :
إخضاع القران والسنة للمناهج الفلسفية الغربية ، البنيوية منها والتاريخانية....
وهذا القسم يمثله :
_محمد عابد الجابري من المغرب
_ حسن حنفي من مصر  
_ عبد الله العروي من المعرب
_ محمد أركون من الجزائر
 عندهم  منطق واحد عام في التعامل مع التراث، وان اختلفت الوسائل  والمناهج الوضعية المادية ، وبالخصوص يصعب على الواحد أن يحدد موقف الجابري، مرة تجده يتصالح مع التراث وتارة يقاطعه ، (التصور البياني ، الظني النتائج ) و(التصور الفلسفي الذي يريد استصحابه )
وفي الأخير أقول أن الطامة الكبرى أنهم غفلوا أو تغافلوا أن للحداثة الأوربية تراثاً ،إذن إنهم يبدلون مكان تراثهم بتراث غيرهم، وهنا قمة التقليد المغلف بغلاف التحديث. و هناك أمر آخر أكثر خطورة من الأول و هو أن هؤلاء عاجزون عن إيجاد آليات التجديد من تراثهم كما و جدها غيرهم في تراثهم، وعجزهم  عن تجديد تراثهم من تراثهم.
مع تحيات موقع فيلوكلوب

شارك المقال لتنفع به غيرك

فيلوكلوب

الكاتب فيلوكلوب

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

8258052138725998785
https://www.mabahij.net/