المجزوءة الثانية : مجزوءة المعرفة
المفهوم: مفهوم النظرية والتجربة
وضعية مشكلة - تقديم المفهوم
الوضعية المشكلة
إن
الفلاسفة الذين وجهوا عنايتهم إلى العلوم انقسموا إلى فريقين: الإختباريون
والوثوقيون . فالإختباريون هم أشبه بالنمل، إذ يكتفون بجمع المؤن ومراكمتها ثم
استهلاكها فيما بعد، أما الوثوقيون فهم شبيهون بالعناكب التي تبني بيوتها من مادة
تستخلصها من طبيعتها. في حين أن النحل يقف موقفا وسطا. فهو يستمد المادة الأولية
من زهر البساتين والحقول ثم يتمثلها ويحولها عبر تقنية خاصة. والفيلسوف الحق يكاد
يقوم بما يشبه عمل النحل، هفو لا يعتمد بصورة واحدة وأساسية على القدرات الطبيعية
للعقل الإنساني.
Francis Bacon , Novum Organum , PUF ,
p156/
عناصر فهم الوضعية المشكلة
1)
ما الذي يميز عمل النحل
عن عمل كل من النمل والعنكبوت؟
2)
هل يصح تشبيه عمل العالم بعمل النحل؟
3)
بأي معنى تعتبر النظرية العلمية مفعول تلاقح بين العقل
والتجربة؟
4)
ما الفرق بين النظرية التجربة والنظرية
عناصر الإجابة
1)
الذي يميز عمل النحل عن عمل كل من النمل والعنكبوت، هو
أن النحل يقف موقفا وسطا بين النمل الذي يعمد على ما هو خارجي وبين العناكب التي
تعتمد على طبيعتها.
2)
يمكن تشبيه عمل العالم بعمل النحل فهو يستند إلى الواقع
كما يستند إلى القدرات الطبيعية للعقل الإنساني.
3)
تعتبر النظرية العلمية مفعول تلاقح بين العقل والتجربة،
فالنظرية العلمية هي إنشاء تدخل فيه العقل عبر مبادئه وتدخلت فيه التجربة عبر
معطياتها.
4)
الفرق بين النظرية العلمية التجربة والتجريب هو أن
النظرية العلمية هي بناء فرضي استنباطي، على قدر كبير من المعقولية والصلاحية والإتساق
المنطقي، وهي تختلف عن النظريات الفلسفية التأملية، في أنها ذات محتوى تجريبي،
بحيث ترمي غلى ربط وقائع التجربة بمبادئ أولية بسيطة، أما التجربة فتعني انطباعا حسيا بسيطا أما التجريب
فهو إنشاء لواقعة معينة ضمن شروط معينة مخصوصة.
تقديم مفهوم النظرية والتجربة
إن المعرفة العلمية ليست تجميعا
لملاحظات متناثرة، ولا تركيبا لأفكار واستنتاجات لا رابط ينتظمها. فالعلماء
يحرصون، دوما، على تنظيم ملاحظاتهم واستنتاجاتهم وتجاربهم عن طريق إنشاء أبنية
منطقية منظمة ترمي إلى تقديم استفسارات عامة لوقائع الطبيعة وظواهرها. وهذه الأبنية
المنطقية هي ما يطلق عليه اسم النظريات. فالنظرية العلمية هي بناء فرضي استنباطي،
على قدر كبير من المعقولية والصلاحية والإتساق المنطقي. وهي تختلف عن النظريات
الفلسفية التأملية، في أنها ذات محتوى تجريبي، بحيث ترمي غلى ربط وقائع التجربة
بمبادئ أولية بسيطة. غير أن هذا التحديد ليس بسيطا ولا بديهيا، بل يضعنا أمام سلسة
من الإشكالات والمفارقات تتصل بطبيعة البناء النظري وعلاقته بالواقع وعلمية الأبنية النظرية ومعايير علميتها. فهل
ينبغي اختزال النظرية في محتواها التجريبي
كما تزعم النزعات الإختبارية والتجريبية أم يتعين اعتبارها نسقا عقليا رياضيا
كما ترى المذاهب العقلانية؟ وهل يمكن بناء
معرفة علمية من خلال التجربة الخام أم من خلال التجريب باعتباره إنشاء لواقعة
معينة ضمن شروط علمية مخصوصة؟ وما دور العقل ما حدوده في بناء النظريات العلمية ؟
وأي معيار لتمييز الحدود الفاصلة بين النظريات العلمية والنظريات غير العلمية؟
0 تعليقات