تعريف جان بياجي
جان بياجي Jean Piaget (1896-1980) عالم نفس وفيلسوف سويسري، من مؤلفاته: إبستمولوجية علوم
الإنسان، الإبستمولوجيا التكوينية، سيكولوجيا الذكاء.
نص عوائق موضعة الظاهرة الإنسانية لجان بياجي
إذا كانت الفيزياء التجريبية قد تأخرت قرونا، مقارنة بالرياضيات،
فليس للعلوم الإنسانية أن تندهش من بطء تكوّنها، بل يُمكنها أن تعتبر، بنوع من الثقة،
وضعيتها الحالية بداية جد متواضعة مقارنة بالعمل الواجب إنجازه والآمال المشروعة المعقودة
عليها (...)
غير أن وضعية العلوم الإنسانية هي أكثر تعقيداً لأن الذات الملاحظة
لذاتها ولغيرها والمُجرّبة على نفسها وعلى غيرها، يمكنها أن تتغير بحكم ما لاحظته وجربته
من جهة، كما يمكنها أن تؤثر في سير هذه الظواهر وتغيّر طبيعتها. لهذا تخلق وضعية التداخل
بين الذات والموضوع في العلوم الإنسانية صعوبات إضافية مقارنة بالعلوم الطبيعية حيث
أصبح من المعتاد الفصل بين الذات و الموضوع. وبعبارة أخرى، إن عملية إزاحة تمركز الذات
|حول ذاتها، والتي هي عملية ضرورية لتحقيق الموضوعية، تكون بالفعل أكثر صعوبة في الحالة
التي يكون فيها الموضوع هو الذات. وذلك لسببين بنيوبين إلى حد ما: أولهما، أن الحد
الفاصل بين الذات المتمركزة حول ذاتها والذات العارفة يكون أقل وضوحاً عندما تكونَ
أنَا المُلاحظ جزءاً من الظاهرة التي يجب عليه أن يدرسها من الخارج، ثانيهما، يكمن
في أن الملاحظ يكون أكثر ميلا للاعتقاد في معرفته الحدسية بالوقائع لانخراطه في هذه
الأخيرة ولإضفائه قيما محددة عليها، مما يجعله أقل إحساساً بضرورة التقنيات الموضوعية.
وباختصار ، فإن الوضعية الإبستمولوجية المركزية في علوم الإنسان
تكمن في كون الإنسان ذاتا و موضوعا، بل وذاتا واعية و متكلمة وقادرة على أنواع من الترميز،
مما يجعل الموضوعية وشروطها الأولية المتمثلة أساسا في إزاحة تمركز الذات من حول ذاتها،
تعترضها صعوبات (...) فالعَالم لا يكون أبداً عالماً مَعْزولاً، بل هو ملتزم بشكل ما
بموقف فلسفي أو إيديولوجي.
أما إذا كان هذا الواقع (واقع التزام الباحث) أقل تأثيراً في الأبحاث
الرياضية والفيزيائية وحتى البيولوجية (...)، فإن تأثيره يبقى كبيراً في دراسة الظواهر
الإنسانية من طرف العلوم الإنسانية
0 تعليقات