توضيح بخصوص مناقشة النص الفلسفي استعداد للفرض رقم 2 الدورة الأولى.

فيلوكلوب يناير 01, 2020 يناير 01, 2020
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال: توضيح بخصوص مناقشة النص الفلسفي استعداد للفرض رقم 2 الدورة الأولى.
-A A +A

لمناقشة النص الفلسفي لابد أولا من تحديد موقفه وأطروحته وأفكاره الأساسية، ولذلك سنقوم أولا بتحديد موقف النص عبر أفكاره الأساسية.

النص الذي سنشتغل عليه:
"لم يكن الوعي، منذ البدء، ضروريا ولا نافعا للإنسان، إلا ضمن علاقات الناس بعضهم ببعض، خصوصا بين الآمرين والمطيعين منهم...  إن كون  أفعالنا وأفكارنا ومشاعرنا، بل وحركاتنا، تبلغ وعينا، إنما هو نتيجة لفعل أمر مرعب جاء في صيغة "يجب عليك"، وسيطر على الإنسان لأمد طويل. لقد كان الإنسان، من حيث هو أكثر الحيوانات عرضة للهلاك، في حاجة إلى مؤازرة وحماية، كان في حاجة إلى شبيهه... من أجل ذلك، كان في حاجة إلى الوعي.
إن الإنسان مثله مثل جميع المخلوقات الحية، يفكر بدون انقطاع، لكنه لا يعرف ذلك. وما الفكر الذي صير وعيا، إلا أصغر أجزاء الفكر، أو لنقل إن الوعي هو أكثر أجزاء الفكر سطحية وأشدها سوءا".

لتحديد موقف النص يمكن أن نحدد أفكاره الأساسية
  • التأكيد على أن ضرورة الوعي ونفعه ارتبط بعلاقة الناس بعضهم ببعض وخاصة علاقة الآمرين والمطيعين.
  • الوعي نتيجة للأمر والسلطة، ونتيجة حاجة الإنسان لتعويض النقص الذي يعتريه.
  • الوعي أصغر أجزاء الفكر، وهو أكثرها سطحية وأشدها سوءا.

    النتيجة: انتقاد الوعي

صياغة الموقف الآن
ينتقد صاحب النص في نصه هذا الوعي، إذ اعتبره أصغر أجزاء الفكر سطحية واشدها سوءا، كما أنه لم يوجد منذ فجر الإنسان، وإنما كان وليد اللحظة التي كان فيها الإنسان في حاجة إلى المؤازرة والحماية، ووليد دخول الناس في علاقتهم مع بعضهم البعض وخاصة علاقة الآمرين بالمطيعين.

مناقشة الموقف:
بخصوص مناقشة النص الفلسفي، فيجب على المتعلم أن يراعي ما يجب أن تتضمنه لحظة المناقشة. وما يجب أن تتظمنه لحظة المناقشة هو مناقشة ما جاء في النص من أطروحة وموقف وأفكار... وتتحقق المناقشة من خلال الوقوف أولا عند ما يثمن موقف النص ويزكيه، وبعد ذلك يمكن أن نستحضر معرفة فلسفية (أو علمية) من أقوال أو تصورات أو مفاهيم أو أمثلة  لنناقش من خلالها ما جاء في النص.

الأهمية يمكن توضيحها من خلال ما يلي:
  • وقوف صاحب النص عند اللحظة التي نشأ في الوعي.
  • توضيح للعلاقة بين الوعي والعلاقات الإجتماعية
  • الوعي بالفعل الفعل والأفكار والمشاعر قد يكون نتيجة الأمر والسلطة، وهو ما يمكن أن نوضحه عبر العودة إلى مرحلة الطفولة

المناقشة من خلال النقد والإنفتاح على مواقف وتصورات أخرى ذات علاقة بالموضوع
  • الوعي لا ترتبط  بالضرورة بعلاقة الناس ببعضهم البعض، وبصيغة الأمر "إفعل". فقد يرتبط بالتفكير الذي يرتبط بالعقل، وبالتالي يكون الوعي مرتبطا بالذات وبما هو اخلي وليس بما هو خارجي.
  • الوعي ليس جزءا بسيطا وسطحيا، بل هو ما يمكن الذات من وعي ذاتها.
  • الإنفتاح على مواقف مثل موقف بيير بورديو (دور المدرسة) وموقف بول ريكور (تعدد وظائف الإيديولوجيا)

الآن: مثال لمناقشة النص الفلسفي انطلاقا من الأفكار التي قمنا بتحددها:

بما أن الفكر الفلسفي ليس بالفكر الدوغمائي ولا بالفكر الذي يقبل بالجاهز ويسلم به دون تمحيص ومساءلة، فلابد لنا ونحن نشتغل فلسفيا أن نقف عند أهمية موقف النص وأن نسائله وننتقده. لعل أبرز ما يثمن موقف صاحب النص هو وقوفه عند  اللحظة التي نشأ في الوعي الإنساني، إضافة إلى توضيحه للعلاقة بين الوعي والعلاقات الإجتماعية. وهذا انتقاد للذين جعلوا الوعي وعيا خالصا مصدره الذات. وبالفعل فالأفعال والأفكار والمشاعر قد تكون نتيجة الأمر والسلطة، وهو ما يمكن أن نوضحه عبر العودة إلى مرحلة الطفولة. ففي الطفولة يتلقى الفرد مجموعة من الأوامر، تتحول بعد ذلك إلى واجبات تستحوذ على وعيه وتوجهه. وبما أن موضوع النص الأساسي هو تشكل الوعي، فيمكن أن نقف عند تصورات بعض الفلاسفة الذين حاولوا أن يوضحوا الكيفية التي يتشكل من خلالها الوعي الإنساني، لكن ليس بما هو وعي شفاف وإنما بما هو وعي مزيف ومشوه. يؤكد الفيلسوف بول ريكور  أن الإيديولوجيا تعمل على خلق وعي غير مطابق لحياة الناس الواقعية وذلك لأنها تستعل من أجل ثلاث وظائف، حيث تقوم أولا بالتزييف أي خلق وعي مزيف ومقلوب عن الواقع، وتقوم ثانيا بتبرير الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والسياسية... وتبرير أفكار الطبقة المسيطرة، وتقوم أخيرا بالإدماج: أي إدماج الأفراد في فكر ما، أو واقع معين. ويؤكد بول ريكور أن الوظيفين الثانية والثالث أهم مقارنة بالوظيفة الأولى نظرا لما يحدثانه من تأثير. ولو عدنا إلى كتابات كارل ماركس فسنجده يشرح الكيفية التي تعمل بها الإيديولوجيا لقلب الحقائق وتشويه الواقع، فقد وظف ماركس استعارة القلب كما يقع في  "العلبة السوداء"، وذلك ليوضح دور الإيديولوجيا المتمثل في القلب، أي خلق صورة مقلوبة عن الواقع.

غير أن مثل هذا القول قد يضرب في ماهية الإنسان المتمثلة في الوعي من جهة، والحرية من جهة ثانية. فالقول بكون وعي الإنسان وعي مزيف، يجعلنا نقول أن الإنسان ليس بالكائن الوعي، ولا بالكائن الحر الذي يكون سيد وعيه وافكاره. لذلك يمكن أن ننفتح على بعض المواقف الفلسفية التي يمكن من خلالها أن نقر بحرية الإنسان، وبقدرته على وعي واقعه حقيقة الوعي. وهنا نستحضر بشكل خاص قول الفيلسوف الفرنسي رونيه ديكارت. فهذا الأخير يقر بأن جوهر الذات هو التفكير، وان هذا التفكير هو تفكير ذاتي خالص، حيث يرتبط بما هو داخلي متمثلا في العقل ولعل ذلك ما تلخصه عبارته "أنا أشك، إذن أنا أفكر، أنا موجود". وفي ذات السياق، فالعبارة الأخير تتحدث عن آلية أخرى يمكن أن نتيقن من صدق وعينا من خلالها ألا وهي آلية الشك، والتي لا تعني شيئا غير وضع الأفكار موضع تساؤل.

شارك المقال لتنفع به غيرك

فيلوكلوب

الكاتب فيلوكلوب

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

8258052138725998785
https://www.mabahij.net/