المجزوءة: مجزوءة الفلسفة
المحور الثالث: لماذا التفلسف؟ (دوافع التفلسف)
ذ. محمد المغراوي
ملاحظة: سنحاول في هذه الورقة أن نشتغل على المحور الثالث المتعلق بدوافع التفلسف من خلال الجواب على السؤال الذي اتخذ كعنوان وله وهو لماذا التفلسف؟. وسنحاول أن نشتغل على أربعة دوافع هي كالآتي: البحث عن الحقيقة، الدهشة، الشك، التأمل في الذات، وذلك من خلال استثمار نصي كارل ياسبرز بالكتابين المدرسيين منار الفلسفة وفي رحاب الفلسفة.
تمهيد
إن سؤال لماذا التفلسف؟ سؤال أساسي وضروري، لأن التفلسف لا يقتضي فقط أن نبحث في زمن ومكان وعوامل نشأة الفلسفة، وأن نبحث في لحظاتها التاريخية الأساسية، بل أكثر من ذلك، لابد من كشف الدوافع التي قد تدفع الإنسان عامة والفيلسوف خاصة إلى التفلسف. وفي هذا السياق يقول الفيلسوف الألماني كارل ياسبرز: " إن الأصل هو الينبوع الذي ينبثق من على الدوام الدافع إلى التفلسف". لذلك، لابد أن نبحث في هذا الأصل هذا والينبوع الذي يجعل التفلسف أمرا ضروريا. وهنا يمكن أن نوجه بحثنا هذا بتساؤلات من قبيل:
هل الدافع إلى التفلسف هو كون الأجوبة العادية لم تقنع الفلاسفة
أم لأن لغز الوجود أكبر من تلك الأجوبة؟ أم أن الفيلسوف هو الذي يفكر بطريقة غير عادية؟
هل ينبع فعل التفلسف من الدهشة ومن التعجب والحيرة؟ أم من عجز الإنسان
عن فهم معنى الخير والشر ومعنى الحياة والموت؟ أم من غربته في العالم وغربة العالم
في عينيه؟
ألا يمكن أن يكون الدافع إلى فعل تفلسف هو البحث عن الحقيقة؟
أليس الشك في الحقيقة هو الدافع إلى التفلسف؟
ألا يمكن أن يكون الدافع إلى التفلسف هو الوجود؟
تعريف كارل ياسبرز
كارل ياسبرز، فيلسوف وطبيب ألماني معاصر، عاش بين سنتي 1883-1969. يعتبر واحدا من ممثلي التيار الوجودي. من أعماله: "مدخل إلى الفلسفة".موضوع النص
يتحدد موضوع النص في دوافع التفلسف، أي الدوافع التي تدفع الفيلسوف إلى التفلسف.سؤال النص
ما الأصل الذي ينبثق منه على الدوام الدافع إلى التفلسف؟
أطروحة النص
يؤكد كارل ياسبز على أن الدهشة والشك والتفكير في الذات هي ما يشكل الينبوع الذي ينبثق
منه على الدوام الدافع إلى التفلسف.
تحليل الأطروحة
يحاول كارل ياسبز في نصيه بيان الأصل الذي ينبثق من على الدوام
الدافع إلى التفلسف وذلك ما سنوضحه من خلال الوقوف عند كل دافع وكشف دلالته والحجاج
التي اعتمدها صاحب لتأكيد أهميته:
أولا: البحث عن الحقيقة
دلالة المفهوم:
تعني الحقيقة في التعريف الفلسفي التقليدي الإتساق بين العقل ونفسه، أو هي التطابق
بينه وبين الواقع، أو بينهما معا
الفكرة/ الحجة:
لان جوهر الفلسفة هو في البحث عن الحقيقة لا في امتلاكها.
العلم هو الذي يمدنا بنتائج ضرورية قاطعة.
العلم اكتسب معارف يقينية تفرض نفسها على الجميع
ثانيا: الدهشة
دلالة المفهوم: في معناها العام حَيْرَة، ارتباك، ذهول، ما يعتري
الإنسان من حالة ناشئة عن حدوث أمر غير متوقع ومفاجئ. وفي معناها الفلسفي فهي الدهشة
التي لا تكتفي بمساءلة ما هو غير واضح، بل تساءل أيضا ما هو بديهي ومألوف، وعدم الإقتناع
بالأجوبة المألوفة والمتداولة.
الفكرة/ الحجة:
التأكيد على الدهشة تؤدي بنا إلى دراسة العالم قاطبة.
الاستشهادبقول أفلاطون: أصل الفلسفة هو الدهشة
الإستشهاد بقول أرسطو: الدهشة هي التي تدفعت الإنسان إلى التفلسف.
التأكيد أننا حينما نندهش نشعر بالجهل، وهذا الشعور يدفعنا إلى البحث عن المعرفة.
ثالثا: الشك
دلالة المفهوم: يعني فحص المعرف فحصا نقديا ينتفي معه اليقين في
كل شيء.
الفكرة/ الحجة:
تعريف الشك: يعني فحص المعرف فحصا نقديا ينتفي معه اليقين في كل
شيء.
ضرورة الشك لأن حواسنا تخدعنا، ولان صور تفكيرنا التي تنتمي إلى
عقلنا تمتزج في متناقضات لا حل لها.
شرط الفلسفة الحقيقية هو الشك
رابعا: التأمل في الذات
دلالة المفهوم:استغراق الفكر في موضوع تفكيره. وفي النص يعني التـأمل
في القضايا المرتبطة بالذات، كالتأمل في السعادة والمصير
الفكرة/ الحجة:
التأمل في الذات يقودها إلى الوعي يكونها تتواجد في وضعيات محددة تنطوي عليها حياتنا، وهو يجعلها تبلغ أعمق أصل للتفلسف.
خلاصة تركيبية:
خلاصة
القول، أن كل فلسفة، وكل تفلسف، إنما يرتبط بأصل وينبوع ينبثق منه، ويمكن من خلال
هذا الينبوع يمكن أن نفهم كل لحظة من لحظات التاريخ سواء كانت الفلسفة المعاصرة أو
فلسفة الماضي. هذا الينبوع يتجلى في البحث
عن الحقيقة والدهشة والشك والتأمل في الذات
0 تعليقات