برتراند راسل في سطور
برتراند راسل (1872_1970)، فيلسوف وعالم
رياضي إنجليزي. لامست اهتماماته ميادين كثيرة كالفلسفة والعلم والمنطق والابستمولوجيا . من مؤلفاته برتراند راسل نذكر:
كتاب مبادئ الرياضيات
العلم بين الحب والسيطرة مقتطف من كتاب برتراند راسل "النظرة العلمية"
لقد كان العلم في بدايته راجعا إلى الناس
الذين أحبوا الطبيعة. وكانوا يسرحون بأبصارهم في جمال النجوم، والبحر، والريح والجبل.
وكان من أثر حبهم إياها أن علقت بها أفكارهم. فرغبوا في فهمها أدق مما يتيحه مجرد التأمل
الخارجي... فهراقليط وغيره من الفلاسفة الأيونيين الذين منهم أتت الشرارة الأولى للمعرفة
العلمية، قد شعروا بالجمال العجيب للعالم، شعورا أشبه بالجنون الذي سرى في دمائهم.
لقد كانوا رجالا ذوي عقل عاطفي جبار، ومن قوة عاطفتهم العقلية نتجت حركة العلم الحديث
كلها.
بيد أنه في أثناء نمو العلم أخذ باعث
الحب الذي منه نشأ، يقاوم مقاومة تزداد شدتها مع الأيام، بينما باعث السيطرة، ولم يكن
من قبل غير تابع قليل الخطر، قد أخذ يغتصب منه مكان القيادة، على أساس نجاحه غير المنتظر.
وهكذا هوى عاشق الطبيعة، وانتصر الطاغية الذي سيطر على الطبيعة، وكلما تقدم علم الطبيعة
أخذ يجردنا تدريجيا مما كنا نحسب أننا نعرفه عن الكنه العميق للعالم المادي.
فاللون والصوت والنور والظل والصورة والتركيب
لم تعد تنتمي إلى هذه الطبيعة الخارجية التي يتخذها الأيونيون معبودتهم الساحرة. كل
هذه الأشياء قد صارت ملكا للمحب (الإنسان) بعد أن كانت ملكا للمحبوب (الطبيعة) فصارت
الطبيعة هيكلا من العظام المقعقعة، باردة ومخيفة، ولكن لعلها مجرد وهم من الأوهام...
أما وقد خاب أمل رجل العلم في أن يكون
عاشقا للطبيعة، فقد انقلب عليها طاغية جبارا... لذا ينبغي أن ينظر إلى مستقبل المجتمع
العلمي في توجس. فالمجتمع العلمي في صورته الخالصة... لا يتسق لا مع البحث عن الحقيقة،
ولا مع الحب، ولا مع الفن، ولا مع المتعة الخالصة، ولا مع أي من المثل العليا التي
اعتنقها الإنسان حتى الآن.
برتراند راسل، النظرة العلمية، تعريب
عثمان نوية، مكتبة الأنجلو المصرية، 1956. ص:251-254.(عن كتاب رحاب الفلسفة) بتصرف
1 تعليقات
أفاد الفلسفة كثيرا
ردحذف