موريس ميرلوبونتي في سطور
موريس ميرلوبونتي: فيلسوف فرنسي عاش بين سنتي 1908 و1961م، من أهم ممثلي الإتجاه الفينومينولوجي بعد إدموند هوسرل، من أعمال موريس ميرلوبونتي نذكر:- المعنى واللامعنى
- العين والفكر
- علامات
نص موريس ميرلوبونتي حول "اللغة والفكر"
أوّلاً
ليس الكلام "علامة" للفكر، إن كنا نقصد هنا بالعلامة ظاهرة تعلن عن
ظاهرة أخرى، كما يعلن الدخان عن وجود النار. إن الكلام والفكر لا يقبلان بهذه
العلاقة الخارجية الا ان كانا موضوعين منفصلين. والواقع أن كلا منهما متضمن في
الآخر: يستشف المعنى من الكلام ، والكلام هو الوجود الخارجي للمعنى. إننا أيضا لا
نقبل، كما يتم ذلك عادة، اعتبار الكلام مجرد وسيلة للترسيخ، أو أنه غلاف للفكر
ولباس له. فلو كانت الصور الكلامية المزعومة، في حاجة إلى إعادة تركيبها في كل
مرة، فلماذا نتذكر كلمات أو جملا على نحو أيسر مما نتذكر أفكاراً ؟....
ليس
بإمكان الكلمات أن تكون "معقل الفكر"، ولا في وسع الفكر أن يبحث عن
التعبير إلا إذا كانت الكلمات ذاتها نصا واضحا و مفهوما، وكان للكلام قوة الدلالة
الخاصة به. فلا بد أن تكف الكلمة والكلام، على نحو ما ، عن أن يكونا كيفية للإشارة
إلى الموضوع أو الفكر، ليصيرا هما حضور الفكر داخل العالم المحسوس، لا كلباس له،
بل شعاره أو جسده...
إن
الفكر ليس شيئا "داخليا" ولا يوجد خارج العالم والكلمات. وما يخدعنا
هنا، ويجعلنا نؤمن بفكر يمكن أن يوجد في ذاته، قبل التعبير عنه، هو الأفكار التي
سبق لنا أن كوناها وعبرنا عنها، والتي في وسعنا أن نتذكرها في صمت، إنها هي التي
تجعلنا نتوهم أن لدينا حياة داخلية. غير أن هذا الصمت المزعوم، هو في حقيقة الأمر،
مليء بضجيج الكلمات، وهذه الحياة الداخلية ما هي إلا لغة داخلية. إن الفكر "الخالص"
ليس إلا وعيا فارغا...
إن
القصد الدلالي الجديد لا يعرف ذاته، إلا إذا تقمّص الدلالات الموجودة بشكل قبلي،
والتي هي نتيجة أفعال تعبيرية سابقة. وهكذا تتداخل، فجأة، المعاني الموجودة سابقا
والمعاني الجديدة، وفق قانون مجهول، وبشكل نهائي، يظهر في الوجود كائن ثقافي جديد.
يتكون الفكر والتعبير إذن في آن واحد.
موريس ميرلوبونتي ، فينومينولوجيا الإدراك، غاليمار 1945، ص 211 - 214
0 تعليقات