- هيئة أطر الدعم الاجتماعي ومسارات التنزيل
- فاتحة والحاج: إطار الدعم الإجتماعي
مدخل:
يتعرض المتعلمون في المؤسسات التعليمية لمجموعة من المشاكل والصعوبات التي تؤثر بشكل سلبي على سلوكياتهم وأفكارهم واتجاهاتهم وميولاتهم ورغباتهم التي تحول دون تحقيق الأهداف الرئيسية للعملية التعليمية التعلمية، من هذا المنطلق انبثق مفهوم الدعم الإجتماعي ،فبعد سنوات طويلة من انتظار تفعيل مهام أطر الدعم الإجتماعي في قطاع وزارة التربية الوطنية التي أدرجت منذ مرحلة "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"[1] وفي تجربة هي الاولى من نوعها في هذا القطاع شرع مجموعة من خرجي هذا الإطار(الدعم الإجتماعي) لمباشرة مهامهم كملحقين اجتماعيين بالمؤسسات التعليمية على اعتبار أنهم من تخصصات تخول لهم العمل في هذا المجال.
*فما الدعم الإجتماعي؟
*وما الحاجة إلى ماسسته في الحقل التربوي؟
*وما العراقيل التي تواجه التنزيل الأجرة لهذا المفهوم؟
بداية قبل الشروع في التحليل لابد من إزالة الغموض عن المفهوم الجوهري، فمذا نقصد بالدعم الإجتماعي بالمؤسسات التعليمية اولا؟
يشير هذا المفهوم إلى العون والمساعدة الإجتماعية والنفسية والمادية التي يحضى بها المتعلمون بمعنى اخر ايلاء الإهتمام بمشاكل واحتياجات المتعلمون وتوفير الإمكانيات المتاحة من أجل الرقي بالعملية التعليمية التعلمية، وقد نشأت مهنة إطار الدعم الاجتماعي وأصبحت كما هي عليه الان في المؤسسات التعليمية المغربية عبر تلاث مراحل اساسية وهي:
*المرحلة التمهيدية : في هذه المرحلة كان التصور الأولي للدعم الإجتماعي يتبلور في ماهو مادي فقط ، يتمثل بالأساس في المدارس الجمعاتية، المطاعم، تيسير، مليون محفظة، المنح..... لكن بالرغم من كل تلك المبادرات التي تهذف بالأساس الدعم الاجتماعي المادي لتلاميذ وأسرهم، تبقى غير ذي جدوى لنهوض بالعملية التعليمية التعلمية، التي تتطلب دعما يتخطى الدعم المادي لتلاميذ، بل نسجل هنا الدعم الاجتماعي النفسي بالأم ومواكبة حالات التلاميذ التي لاتتفق مع النظام الذاخلي للمؤسة خاصة ومنظومة التربية والتكوين عامة، قصد النهوض بالعملية التعلمية التعلمية، وتحقيق الأهداف المرجوة منها، وعليه اتجهت الجهات المعنية في التأسيس لمرحلة ثانية تتمثل في الإعداد القبلي لتنزيل الدعم الاجتماعي بالمنظومة بؤسس ومعاير جديدة. وهو ماشكل بروزالمرحلة الثانية.
*المرحلة الإعدادية: فالعملية التعليمية التعلمية لاتكتمل إلا بانبثاق مفهوم وأدوار أخرى للدعم الإجتماعي تتمثل في الدعم النفسي والإجتماعي الأمر الذي أحاله إلينا النظام التربوي المغربي، وقد تحدث المشرع المغربي في "مرسوم 02.02.854 الصادر في 10فبراير2003 بشأن النظام الأساسي الخاص بموضفي وزارة التربية الوطنية"[2] عن المعنى الجديد لمفهوم الدعم الاجتماعي وأبعاده النفسية والإجتماعية والصحية داخل الفضاء المدرسي(غياب الأجرأة/غياب الأطر المتخصصة مهنيا/ممارسة بعض المهام وبشكل ضمني من طرف بعض الأطر الإدارية كالحراس العامون، بعض الاساتذة...)
*المرحلة المهنية : هنا نتحدث عن أطر مهيئة مهنيا لمزاولة مهام الدعم الإجتماعي والأجرأة الفعلية لهذا الإطارفي قطاع التعليم بالمغرب على قواعده وأسسه (المنهج+الجانب الإمبريقي) ومنه فالدعم الاجتماعي في هذه المرحلة يشير إلى شبكة من العلاقات والتفاعلات التي تصب في مساعدة المتعلم وإكسابه قدرة التموقع داخل الفضاء المدرسي، من خلال القيام بدور الوساطة التربوية بين المدرسة والأسرة من جهة ومختلف الفاعلين التربويين من جهة أخرى، كل هذا من أجل الرقي بالعملية التعليمية التعلمية، من خلال المهام الموكولة لإطار الدعم الاجتماعي بمفهومه الجديد، والتي تتمحور بالأساس في محاربة الظواهر التي تمس بالوسط التربوي، والمساهمة في ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني وإرساء القيم والمبادئ داخل المؤسسات التعليمية، أي أن الدعم الإجتماعي هنا يصبح مستهدفا ضخ الروح داخل الحياة المدرسية، من خلال قيامه بأعمال ومهام ذات بعد نفسي، اجتماعي، وصحي ومهام التدبير التربوي والتواصل، ومهام ذات الإرتباط بالحياة المدرسية، كما نجد أيضا عمل هذا الإطار يمتد للوقوف على البعد النفسي للمتعلم من خلال العمل على مواجهة مشقة الإضظرابات النفسية التي تصيب المتعلمين والتخفيف من اثارها السلبية. فضلا عن إيلاء رعاية واهتمام خاص بالتلميذ والرفع من مستوى تقدير الذات لأن في الكثير من الأحيان جل مايحتاجه المتعلم الاصغاء اليه وفهم الأسباب الكامنة وراء المعيقات التربوية والنفسية والإجتماعية التي تقف حاجزا أمام تحقيق أهدافه التعليمية، بمعنى ادق البحث في أصل المشاكل الخفية وليس الظاهرة وهو ما نجده غائب بنسبة كبيرة عند اطر الدعم الاجتماعي بالمفهوم الجديد، مما يدفعنا إلى طرح التساؤل التالي، ما مدل فاعلية برنامج الدعـم الاجتماعي في النهوض بواقع المنظومة التربوية؟
واقع الدعم الإجتماعي بالمؤسسات التعليمية
للإجابة على هذه الإشكالية سننطلق من الوضع القائم والراهن لمنظومة أطر الدعم الاجتماعي على سبيل المثال في تجربة ذاتية لا الحصرتمتد مدتها أربعة أشهر فإن الدعم الاجتماعي لم يحقق الأهداف المرجوة منه بسبب عدم التنزيل الجيد لمفهوم الدعم الاجتماعي وذلك راجع لمجموعة من العوامل.
- غياب مفهوم الدعم الإجتماعي لدى الأطر التربوية؛ وجود العديد من الحالات التي تستدعي تدخل إطار الدعم الإجتماعي في الوقت التي يتم البث فيها بدون أي استشارة من طرفه مما يجعل النتائج المتوصل إليها في بعض المشاكل التربوية لاتحقق أهدافها، وهنا أود أشير الى بعض تخصصات الدعم التربوي والإجتماعي كانت مسندة للحارس العام (تكليف بمهمة/غياب الأجراة) لكن حينما خرج إطار الدعم الإجتماعي الذي نصت عليه وثيقة 2003"[3] مما أدى إلى:
- غياب الاختصاص في التناول الصحيح للمشكلات؛ وهنا يمكن أن نقول ان غالبية المشاكل التي تقع في الوسط المدرسي ومن المفروض أنها تستدعي تدخل الدعم الاجتماعي، لايتم إحالتها إلى هذا الاخير، أويتم البث فيها بعيدا عنه (غياب التخصص في)، إسقاط الذاتية التي تحيل عل عدم معاينة المشاكل بطريقة تستلزم الموضوعية، حيث أن هناك حالات ومعاملات تقتضي التجرد من صفة مدير، حارس عام.... فالتحدث مع المتعلم أحيانا يقتضي قلب الاية (صديق، أب، اخ...) لأن المتعلم لايمكنه البوح باسراره ومشاكله في حالة ممارسة السلطوية عليه فهذه الاخيرة تشكل مصدر رعب وخطر بالنسبة له، إذن فجوهر المساعدة الاجتماعية هو الإرتكاز على إقامة تفاعل بين المتعلم والشخص المعالج بغية إحداث تغير إيجابي في سلوكه.
- وجود جملة من المشاكل والتي تعرقل عمل إطار الدعم الاجتماعي، كنفور بعض المدرسين من هذا التخصص، وعدم عرض مشكلات الفصل على الملحق الاجتماعي، وعدم التعاون معه في مواجهة مشكلات الطلاب والإهتمام بالجانب التعليمي دون الجوانب التربوية الأخرى نظرا لجملة من العوامل (ضيق الوقت، حصص الدعم....) الأمر الذي من شأنه المساهمة في تفاقم المشاكل بالفضاء المدرسي، فالرقي بالعملية التعليمية التعلمية لا يمكن أن يتم دون المساعدة والتكامل مع باقي المدرسون والأطر التربوية، "فالنجاح رهين بتكامل الأدوار والعناصر وعملها ضمن منظومة واحدة لتحقيق التكامل والتوازن وبالتالي استمرار النسق الاجتماعي"[4]، كما نسجل أيضا معيقات خاصة بالأنشطة المدرسية؛ فاليوم الدراسي الحالي لايتيح للمتعلمين سوى فسحة جد قصيرة أمام ضيق الوقت، وهي غير كافية للممارسة الانشطة المدرسية"[5]، بالإضافة تقزيم دور المؤسسة التعليمية في نهج بيداغوجية واحدة فقط والتي لا تلبي جميع متطلبات التلاميذ، لأجل الحصول علا علامات جيدة في اختباراتهم، مما يؤدي بهم التوجه إلى فضاء أخر ربما يجد بعد الإحتياجات التعلمية الخاصة به وفق بيداغوجيا محددة على المقاس 38 بتعبير السوسيولوجية المغربية فاطمة المرنيسي"[6]، مقاسات ثقافية وسيكولوجية تتماشى مع بعض توجهات الأسر وابنائه، في الغالب لاتتأسس هذه البيداغوجية على ظوابط علمية تعليمية، بل همها الوحيد حصول علامة مميزة في الإختبار فقط ناهيك عن تنمية قدرات التلاميذ والإنفتاح على طرق معرفية لايكون همها العلامة بقدر تنمية مهارات التلاميذ لتعامل مع كل المسائل التعلمية التي يواجهونها في مسارهم الدراسي، وهو الأمر الذي نجد حاضر بقوة في ما يسمى دروس الدعم التي اصبحث تعج بها المدن في مقابل نزيف لاحدود له من الأموال، مما يجعلنا امام إشكالية أخرى حول تكافئ الفرص بين التلاميذ خاصة الذين ينحذرون من عائلات ذات دخل محدود في مقابل عائلات غنية، وهم ما يحث على إعادة الدور الريادي للمؤسسة التعليمية كآلية لكبح هذه الظاهرة (دروس الدعم) في أفق تحقيق المساواة وتكافئ الفرص بين جميع منتسبيها.
وعليه نجد أن مهمة الأطر الدعم الاجتماعي لايمكن لها ان تحقق الأهداف المتوخاة منها، إلى بحلحلة المشاكل والمعيقات التي تواجه كل منتسبي أطر الدعم الاجتماعي بالمؤسسات التعليمية، وأهم هذه الحلول تحديد ميزانية خاصة للدعم الإجتماعي ؛فمثلا إذا نظرنا للنظام الأمريكي والفرنسي سنجد أن لهما ميزانية خاصة بالمساعدة الإجتماعية، لمساعدة هذا الاطار على أداء مهامه(نحن ليس لنا حتى ميزانية قلم أستاذ الدعم الاجتماعي) إذن كيف لنا أن نطلب من هذا الأستاذ ممارسة مهامه، فهناك العديد من الحالات التي عاينتها لاتستدعي جلسات أومعالجة أمراض بقدر ما تتطلب دعما ماليا عينيا (مثلا ظاهرة إخراج التلاميذ بسب عدم إحظار الكتب) فهذا المتعلم لايحتاج مواكبة بقدر مايختاج(100 dhلشراء الكتاب) هنا يمكن لهذا الإطار السهر على عملية تنظيم الكتب، جرد التلاميذ المعوزين، ويجب أن يكون القناة الوحيدة بين المؤسسة وجمعية أباء واولياء التلاميذ.
على سبيل الختم
صفوة القول إن وجود إطار الدعم الاجتماعي في المؤسسات التعليمية ضرورة ملحة لمساعدة المتعلمين على حل المشاكل والصعوبات التي تعترضهم، وتجويد العملية التعليمية التعلمية للوصول الى الأهداف المرسومة والتي ترمي إليها المؤسسة التعليمية بغية خلق مجتمع مغربي متكامل ومنسجم، كل هذا وأكثر لايمكن أن يتم إلا في جو يسوده التكامل والتعاون المشترك بين مختلف الأطراف والفاعلين التربويين لمواجهة مختلق المشكلات التي تعرقل السير الجيد للعملية التعليمية التعلمية، واستخضار المتعلم باعتباره اللبنة المستهدفة (قلب المؤسسة)
[1] صدر الميثاق الوطني للتربية والتكوين في سنة 2000 واعتبر الوثيقة المرجعية لكل اإلصالحات الجدرية التي عرفها التعليم العمومي بالمغرب
[2] مرسوم رقم 854-02-2 صادر في 8 ذي الحجة 1423 (10 فبراير 2003) بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية. مرسوم رقم 854-02-2 صادر في 8 ذي الحجة 1423 (10 فبراير 2003) بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية
[3] مرسوم رقم 2/02/854-دي الحجة 1423 ( 10 فبراير 2003) بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية المادة 65 منه الخاصة بأطر الدعم الإجتماعي
[4] أنتوني غدنز ،ترجمة فایز الصیاغ، علم الاجتماع، المنظمة العربیة للترجمة،بیروت (لبنان)،2005 ، ص 74.
[5] عبد الخالق محمد عفيفي الخدمة الاجتماعية في مجال المدرسي، المكتبة العصرية، مصر، ص 59-61
[6] انظر كتاب شهرزاد ترحل إلى الغرب، الناشر المركز الثقافي العربي، سنة2003
0 تعليقات