- المادة: مادة الفلسفة
- الفئة المستهدفة: الأولى بكالوريا
- المجزوءة: مجزوءة ما الإنسان
- المفهوم: مفهوم الوعي واللاوعي
محور الإدراك الحسي والشعور
التأطير الإشكالي للمحور:
تتعدد دلالات مفهوم الوعي وتختلف، ومن بين تعاريف مفهوم الوعي نجد في موسوعة لالاند الفلسفية التعريف التالي: “الوعي حدس (تام نسبيا، واضح نسبيا) يكونه العقل عن أحواله و أفعاله”. ومنه فالوعي ملكة الجوهرية تميز الإنسان وتمكنه من إدراك ذاته وتصرفاته وأفعاله بقدر من الوضوح... غير أن الحديث عن مفهوم الوعي يقودنا إلى الوقوف عند مجموعة من الإشكالات المرتبطة به، ومن بينها إشكال أساسه، أي الأساس الذي يجعل وعي الذات بذاته أمرا ممكنا. وفي هذا السياق يمكن أن نتساءل:
ما هو أساس الوعي؟ وكيف يستطيع الإنسان وعي ذاته ووعي العالم الخارجي؟ هل يرتبط الوعي بما هو حسي أم بما هو مجرد؟ وهل يكمن دائما تحديد ماهية الوعي أم أنه يظل مفهوما غامضا؟
تحليل نص جون بيير شونجو
- تأطير النص:
يدخل النص ضمن الكتابات العلمية التي تنتمي إلى مجال فيزيولوجيا الأعصاب، ويعود لصاحبه الفيزيولوجي الفرنسي جون بيير شونجو.
- إشكال النص:
بما ترتبط الأنشطة العقلية من وعي للذات وشعور وانفعال؟ هل ترتبط بالفكر المجرد أم بالنشاط العصبي الفيزيولولجي؟
- أطروحة النص:
ترتبط الأنشطة العقلية بما فيها الوعي بالذات بالنشاط العصبي الفيزيولولوجي.
- تحليل الأطروحة:
التحليل المفاهيمي للأطروحة:
- اللاهوت:علم يبحث في وجود الله وذاته وصفاته.
- الفيزيزلوجيا:علم دراسة الأعصاب
- الوعي:أي وعي الذات بذاتها، وهو نشاط عقلي مرتبطا بالنشاط العصبي الفيزيولوجي.
- النشاط العصبي الفيزيولوجي:هو النشاط الذي تقوم به الذات اعتمادا على الجهاز العصبي الذي يتشكل من النخاع الشوكي والدماغ…
- السيالة العصبية:تيار عصبي كهربائي ينقل الإشارات من خلية عصبية إلى أخرى.
التحليل الحجاجي للنص
الحجة | مضمونها | وظيفتها |
النقد | نقد الأطروحات الفلسفية واللاهوتية التي تناولت الوعي الإنساني | نقد التناول الفلسفي واللاهوتي للوعي الإنساني، وإخراج هذا الأخير من دائرة الفلسفة والدين والأدب إلى دائرة العلم |
التعريف | تعريف النشاط العقلي بكونه نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا | ربط كل نشاط عقلي سواء كان وعيا بالذات أو شعورا أو انفعالا بالجهاز العصبي للإنسان. |
السلطة المعرفية | استثمار موقف جاك مونو | تدعيم الموقف وإثباته، عبر تدعيمه بسند علمي. |
التأكيد | التأكيد على كل نشاط عقلي عبارة عن نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا. | نقد التصورات التي ربط الوعي بما هو مجرد (التفكير) وبما هو لاهوتي، والتأكيد على أن الوعي وباقي النشاطات العقلية رهينة بما هو مادي، أي بما هو عصبي فيزيولوجي. |
- خلاصة تحليل النص
يتبين لنا بعد تحليل النص، أن جون بيير شونجو يتبنى موقفا مضمونه أن الوعي وباقي الأنشطة العقلية الأخرى، ما هو إلا نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا. معنى ذلك، أن قدرة الإنسان على وعي ذاته مرتبط بالجهاز العصبي (النخاع الشوكي، الدماغ…) ولولاه لما أمكن ذلك. إن جون بيير شونجو بموقفه هذا ينتقد كل التصورات الفلسفية واللاهوتية، فالأولى ربطت الوعي بما هو مجرد والمثال على ذلك تصور رونيه ديكارت، الذي جعل من الفكر المجرد جوهرا للذات، وأساسا لوعي ذاتها، والثانية جعلته مرتبطا بما هو لاهوتي. بينما منحها جون بيير شونجو أساسا ماديا، حيث اعتبر أن كل نشاط عقلي، -كيفما كان، سواء كان تفكيراً، أو اتخاذا لقرار، أو انفعالا، أو شعوراً أو وعيا بالذات- عبارة عن نشاط عصبي مشروط فزيولوجيا. كما أكد على أن الصور العقلية هي موضوعات مادية محددة بفضل «خريطة» دينامية للخلايا العصبية وللسُّيَالات العصبية التي تغذيها وتسري داخلها.
مناقشة موقف جون بيير شونجو
- أهمية الموقف:
لموقف جون بيير شونجو أهمية معرفية علمية، وذلك لتناوله موضوع الوعي من الناحية العلمية وكشفه للعلاقة القائمة بين الأنشطة العقلية والجهاز العصبي، كما تتجلى أهمية الموقف في الاستناد إلى نتائج العلوم وخاصة علم الفيزيولوجوجيا، وفي الابتعاد عن الخطابات الفلسفية والدينية التي لم تستطع كشف حقيقة الوعي بشكل كاف.
- حدود الموقف :
رغم القيمة المعرفية والعلمية لموقف جون بيير شونجو، إلى أن موقفه يظل لا يمكن أن يعتبر الإجابة الوحيدة والقاطعة عن الأسئلة التي يطرحها موضوع الوعي، ويمكن أن نستحضر في هذا السياق موقف الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل.
يؤكد برتراند راسل أننا عادة ما نعني بالوعي حالة اليقظة، لكننا الصعوبة تظهر حين نريد تحديده بنوع من الدقة. وفي هذا السياق يقدم راسل دلالتين لمفهوم الوعي. حيث يرى من جهة أولى أن الوعي يعنى الإدراك الحسي للعالم الخارجي، وما ينتجه من ردود أفعال، ويقم هنا مثال توضيحيا، مثال يوضح كيف أن الوعي يعني الإدراك الحسي بالعالم الخارجي، وهذا المثال هو “صياح أحد من الناس قائلا Hé” ، فهذا الصياح يترك أثرا لدى الآخرين هو أنهم يستديرون نحو مصدر الصوت، هو الشيء الذي لا يحدث عند الأشياء الجامدة كالأحجار. أما من جهة ثانية، فالوعي مرتبط بالقدرة على الاستبطان، أي بالقدرة على إدراك استجاباتنا لمثيرات العالم الخارجي، وهي القدرة التي تفتقر لها الأشياء الجامدة.
وينتهي برتراند راسل في الأخير إلى القول بان ما سبق عرضه بخصوص مفهوم الوعي ليس تحليلا كاملا، إذ ان الوعي مشكلة شاسعة تتطلب الكثير من التوضيحات والكتابات.
خلاصة تركيبية للمحور:
نستخلص من خلال ما سبق، أن الحديث عن الإنسان لا يستقيم إلا بالوقوف عن أبرز الخصائص التي تميزه عن غيره من الموجودات وهي خاصية الوعي. لكن كشف حقيقة الوعي وأساسه، ليس بالأمر الهين، نظرا لتعقده وصعوبة تفسيره تفسيرا قاطعا وهو ما عبرت عنه بعض التصورات الفلسفية مثل تصور برتراند راسل. لكن، يمكن أن نفسره بالعودة إلى بعض الفلسفات مثل الفلسفة العقلانية بزعامة رونيه ديكارت، والتي تؤكد أن الوعي مرتبط بالفكر، ومثل الفلسفة التجريبية مع جون لوك ودافيد هيوم، والتي تؤكد أن الوعي يرتبط بالحواس، وهذا الموقف الأخير يتقاطع مع الموقف العلمي الذي يمثله عالم الفزيولوجيا جون بيير شونجو، والذي يرى أن الوعي وكل الأنشطة العقلية الأخرى ما هي إلا أنشطة عصبية فزيولوجية.
لكن، كيف يمكن تفسير التصرفات اللائرادية للإنسان مثل زلات القلم وفلتات اللسان؟
0 تعليقات