تحليل سؤال إشكالي مفتوح مفهوم المجتمع

•  المادة: مادة الفلسفة
• المستوى: الأولى باكالوريا
• المجزوءة: ما الإنسان؟
• المفهوم مفهوم المجتمع
• المحور الأول: أساس الاجتماع البشري

تحليل سؤال إشكالي مفتوح مفهوم المجتمع

محور أساس الإجتماع البشري

تحميل الدرس PDF

تحميل الدرس PDF

نموذج تحليل سؤال إشكالي مفتوح مفهوم المجتمع

هل الطبيعة هي أساس الاجتماع البشري؟

لحظة الفهم

إن من بين الأسئلة الأكثر عمقا في تاريخ الفلسفة هو سؤال ما الإنسان؟ فهو سؤال يبحث في حقيقة الإنسان وماهيته وجوهره وما يميزه عن باقي الموجودات. وجوابا عن سؤال ما الإنسان يقول أرسطو: الإنسان حيوان مدني بالطبع. ومعنى ذلك أن الإنسان كان اجتماعي، لا تستقيم حياته ولا يستقيم وجود إلا داخل المجتمع. ولا نختلف في أهمية المجتمع بالنسبة للإنسان، لكن الإشكال الذي يثيره المجتمع هو أساسه وأصله، وهو نفسه الإشكال الذي يثيره السؤال الإشكالي المفتوح الذي نحن بصدد الاشتغال عليه، والذي يتضمن مفارقة يمكن التعبير عنها كالآتي: الطبيعة قد تكون أساس الاجتماع البشري وقد لا تكون أساس له. وبناء على هذه المفارقة يمكن طرحا التساؤلات التالية:

ما الطبيعة وما المجتمع؟ وما أساس الاجتماع البشري؟ هل الطبيعة هي أساس الاجتماع البشري وأساس المجتمع أم أن أساس الاجتماع البشري وأساس المجتمع هو الاتفاق والتعاقد؟

لحظة التحليل

قبل الإجابة عن التساؤلات المطروحة، لابد أولا من تحليل عناصر الإشكال وأسئلته الأساسية، وخاصة من حيث عباراته ومفاهيمه ومطلبه. أما بخصوص البنية المفاهيمية فهو يتشكل من مفهوم الطبيعة والذي يعني حقيقة الشيء، كما يعني الماهية والجوهر، كأن نقول: من طبيعة الأسماك أن تعوم وأن يأكل منها الأكبر الأصغر. وقد يعني في سياقات أخرى الفطرة والخليقة. كما يتشكل من مفهوم الاجتماع البشري والذي يمكن أن نعبر عنه بمفهوم المجتمع، والذي يدل على المجموعات البشرية بما هي مجموعات منتظمة وفق معايير وقيم ومؤسسات والتي تحكمها علاقات ومصالح متبادلة. وبخصوص مطلب السؤال الإشكالي، فهو يبتدئ بأداة الاستفهام "هل"، وهل أداة للتخيير بين أطروحتين أو أكثر، بينها اختلاف أو تعارض، ويسأل عن أساس الاجتماع البشري، أي عن أساس المجتمع وأصله، وبشكل خاص إن كانت الطبيعة هي أساس الاجتماع البشري والدافع الذي دفع الإنسان إلى تأسيس المجتمع أم لا.

بعد تحليل السؤال الإشكالي يمكن أن نجيب من خلال الأطروحة التالية: الطبيعة هي أساس الاجتماع البشري. ومعنى ذلك أن الإنسان يميل إلى الاجتماع مع بني جنسيه بحكم طبيعته وماهيته. فكما أن الأسماك لا تستطيع العيش خارج الماء بحكم طبيعتها وتتجه إليه متى أخرجت منه، فكذلك الإنسان، يجتمع مع بني جنسه، ويخلق تجمعات بشرية بحكم طبيعته. ولتدعيم هذه الأطروحة يمكن الاستناد إلى تصورين، تصور يمثله الفيلسوف أرسطو، والآخر يمثله المفكر ابن خلدون.

يرى أرسطو أن الاجتماع البشري مرتبط بطبيعة الإنسان، فالإنسان من منظوره حيوانا مدني بالطبع. ويقول أرسطو في هذا السياق: "إن الميل الذي لدينا لتكوين تجمعات من هذا الشكل هو بالتأكيد أمر طبيعي". وهذا القول مضمونه أن الذي دفع الإنسان إلى تكوين مجتمعات هو طبيعته وماهيته. ويرى أرسطو أن الاجتماع هو الذي يوفر للإنسان الوسائل الضرورية للاكتفاء الذاتي. ويميز أرسطو بين تجمعات الإنسان وتجمعات باقي الكائنات كالنحل مثلا، ويعتبرها أرقى نظرا لما يمتلكه الإنسان من خصائص مثل النطق.

نفس الموقف يتبناه ابن خلدون، فهو الآخر يرى أن الإنسان مدفوع إلى الاجتماع مع بني جنسه بحكم الضرورة، وبحكم. فالانسان بحكم طبيعته وبحكم خليقته يظل في حاجة الإنسان إلى بني جنسه، لحفظ بقائه ولتلبية حاجته إلى الغذاء. وقد انطلق ابن خلدون من حقيقة الإنسان التي خلقه الله عليها، فالإنسان مقارنة بمجموعة من الحيوانات كالحمار والفرس والفيل، قاصر عن تلبية حاجاته بمفرده ويحتاج إلى التعاون مع بني جنسه.

لحظة المناقشة

لا ننكر القيمة والأهمية المعرفية للأطروحة التي ترى أن الطبيعة البشرية هي أساس الاجتماع البشري، وكذلك بالنسبة للتصورات التي تبنت هذه الأطروحة. لكنها تظل أطروحة محدودة بالنظر إلى مجموعة من المعطيات والتصورات التي ترفض القول بكون الطبيعة هي أساس الاجتماع البشري، نستحضر هنا وبشكل خاص تصور فلاسفة التعاقد الاجتماعي الذين يعتبرون التعاقد هو أساس الاجتماع والبشري.

على خلاف الأطروحة التي تؤكد أن الطبيعة هي أساس الاجتماع البشري، وعلى خلاف موقف كل من أرسطو وابن خلدون، نجد مجموعة من الفلاسفة الذين يؤكدون أن المجتمع البشري لا يجد أصله في الطبيعة الإنسانية، وأن أساس الاجتماع البشري هو التعاقد والاتفاق، نذكر على سبيل المثال فلاسفة التعاقد الاجتماعي وبشكل خاص الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو. يؤكد روسو أن نشأة الدولة والمجتمع كانت نتيجة لتعاقد اجتماعي، انتقل من خلاله الإنسان من حالة الطبيعة (هي حالة افتراضية وهي حالة سابق على حالة المدنية كان الفرد فيها يتصرف وفق طبيعته ويتمتع بحرية مطلقة) وما تتميز به من حرية وحق مطلقين إلى حالة المدنية وما تتميز به من حرية مدنية مقيدة بقيود القانون والتشريعات. ويرى روسو أن مزايا حالة المدنية عديدة، حيث سمحت للإنسان بتنمية قواه العقلية وجعلته متسع الفكر ونبيل العواطف وسامي النفس…

وفي ذات السياق نجد طوماس هوبس يؤكد أن الاجتماع البشري كان نتيجة لتعاقد تنازل بموجبه الأفراد عن جميع حقوقهم من أجل تأسيس سلطة مشتركة تنهي حالة الفوضى والاقتتال التي كانت تعرفها حالة الطبيعة.

وبالتالي فتصور فلاسفة التعاقد الاجتماعي للطبيعة البشرية ليس هو نفس تصور الأطروحة السابقة. كما أن الاجتماع البشري في نظرهم لم يكن منذ البدايات الأولى للوجود الانسان، وإنما هو ليد اللحظة التي أصبحت فيها حياة الإنسان مهددة من طرف الإنسان نفسه.

لحظة التركيب

استنادا إلى ما سلف، يتبين لنا أن نشأة المجتمع كانت موضوعا للنقاش الفلسفي، نقاش أفرز مجموعة من التصورات، تباينت واختلفت باختلاف وتباين المرجعيات الفكرية ووجهات النظر. ويمكن أن نلخص تلك التصورات في تصورين أساسيين، تصور يقوم على فكرة أن المجتمع البشري يجد أصله في الطبيعة البشرية، لأن الإنسان كائن اجتماعي/مدني بطبعه. وتصور يقوم على فكرة أن ظهور المجتمع البشري كان بفضل التعاقد الاجتماعي الذي مكن الإنسان من الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المدنية. وهذا التعدد في التصورات والرؤى لا يحط من قيمة الخطاب الفلسفي بقدر ما يعكس تنوعه وغناه، كما يعكس حقيقة الإنسان باعتباره كائنا معقدا يصعب الحسم في قضاياه وإشكالاته.

تحميل الدرس PDF

سلم التنقيط الخاص بالسؤال الاشكالي المفتوح

اللحظات (القدرات)	العناصر المنهجية	سلم التنقيط
الفهم	تحديد مجال السؤال وموضوعه	1 نقطة	4 نقط
	صياغة الإشكال من خلال إبراز عناصر المفارقة أو التقابل	2 نقط
	صياغة الأسئلة الموجهة للتحليل والمناقشة	1 نقطة
التحليل	تحليل عناصر الاشكال وأسئلته الأساسية	2 نقط	5 نقط
	استحضار المفاهيم والاشتغال عليها	2 نقط
	البناء الحجاجي للمضامين الفلسفية	1 نقطة
المناقشة	مناقشة الاطروحة التي يفترضها السؤال	3 نقط	5 نقط
	طرح إمكانات أخرى تفتح أفق التفكير في الإشكال	2 نقط
التركيب	خلاصة التحليل والمناقشة	2 نقط	3 نقط
	إبداء الرأي الشخصي المبني	1 نقطة
الجوانب الشكلية	تماسك العرض	1 نقطة	3 نقط
	سلامة اللغة	1 نقطة
	وضوح الخط	1 نقطة